ما أرخص الوقت عند المسلمين! لو أخذ الموظف على مكتبه المصحف كلما خلا، وما أكثر ما يخلو بنفسه أخذ المصحف وقرأ، ليتصل بالواحد الأحد، يجلس بعضهم على المكتب ساعات طويلة لا ينهي معاملة للمسلمين، معاملته من أسابيع، وهي واحدة، وكلما تراص الناس أمامه قال: غداً بعد غد:
كانت مواعيد عرقوب لها مثلاً وما مواعيده إلا الأباطيل
ويتشاغل بهذا الأمر ويدعي، والمتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور، كم يخلو في المكتب! لكن ليس عنده مصحف إما يهمهم أو يوسوس أو يتغنى، أو يخرج من مكتبه إن لم يكن عنده أمانة، وكذلك يوجد بين الأساتذة فراغ عند الحصص وفي الفسح، والطلبة كذلك، وصاحب الدكان في دكانه، كثير من الناس ليس عنده إلا مجموعة من (القواطي) والمشروبات ومن المأكولات يفتح من بعد صلاة الصبح، ولا يأتيه الزبائن إلا في الساعة العاشرة، فلو فتح مصحفه وقرأ آيات الله، واستنار بنور الله لأتاه الرزق، رزق القلب ورزق البدن، وأنعم الله عليه في الدارين، وبارك له فيما أعطاه.
وكذلك منتظر الباص، والواقف على الطريق والمزارع؛ عندهم وقت فراغ عظيم، لكن من يحفظ الفراغ؟! قال تعالى:{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}[المؤمنون:١١٥ - ١١٦].
المرأة في بيتها تخلو ساعات طويلة، تنتهي من عملها في البيت وتبقى ساعات؛ فوصيتي أن تستمع شريطاً.
حدثنا أحد الدعاة: أن امرأته وهي تعمل في مطبخها سمعت في فترة أسابيع قليلة: ثلاثة وعشرين شريطاً، وفهمت أكثر قضايا الأشرطة، وأصبحت عالمة؛ لأنها حفظت وقتها، فالوقت الوقت:
دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثواني
فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثاني