الفائدة الثالثة: أنه تجلية للظلمات، فالفتن لا يجليها إلا العلم، فالحوادث والكوارث التي تقع بين الناس لا يجليها إلا العلم، ولذلك لما وقعت فتنة صاحب النفس الزكية في عهد الخلافة العباسية وقع فيها كثير من غوغاء الناس، ونجا منها كثير من العلماء، حتى إن سفيان الثوري توقف فيها، فقالوا لماذا تتوقف وهي مقبلة ما تدري؟ قال:[[العالم يعرف بالفتنة وقت إقبالها، وإذا أدبرت يعرفها الجاهل والعالم]] فـ سفيان عرف بعلمه وذكائه الفتنة يوم أقبلت، فالظلمات والحجب لا يعلمها إلا الله عز وجل، حتى يقول أبو بكر الأندلسي حين يوصي ابنه ويمدح العلم فيقول له:-
هو العضب المهند ليس ينبو تصيب به مضارب من أردتا
وكنز لا تخاف عليه لصاً خفيف الحمل يوجد حيث كنتا
يزيد بكثرة الإنفاق منه وينقص إن به كفاً شددتا
إلى أن يقول:-
ويجلو ما بعينك من عماها ويهديك السبيل إذا ضللتا
فجلاء الظلمات إنما هو العلم، والفهم في الكتاب والسنة.