للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[توحيد الله عز وجل]

أولاً: التوحيد الصادق، والتوكل الذي يحطم زيف الباطل، وينسف ركام الجاهلية، يقول الله سبحانه: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ} [الفرقان:٥٨] ويقول الله عز وجل له: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة:٦٧] ويقول الله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال:٦٤].

أول ميزاته: التوحيد الخالص، وصفاء العقيدة.

إذاً يا دعاة! يا طلبة العلم! يا شباب محمد عليه الصلاة والسلام! التوحيد أولاً والعقيدة أولاً.

ولذلك تميزت دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله واكتسبت قوتها وعمقها وأصالتها حتى نفذت إلى القلوب، وذلك لأنها صافية، ولأنها على منهج السلف ولأنها ضاربة في أعماق الكتاب والسنة، فلذلك بقيت إلى اليوم: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد:١٧] وقبل أن ندعو الناس إلى الأخلاق والسلوك، قبل أن نتكلم إليهم عن التربية والأدب والاقتصاد، لابد أن نتكلم لهم عن التوحيد.

يقول الله للرسول عليه الصلاة والسلام: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [محمد:١٩] ويقول: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الزمر:٦٥ - ٦٦].

فيكون موحداً دائماً وأبداً، يأتي الأعرابي من الصحراء، فقبل أن يعلمه الوضوء وكيفية الأكل والشرب، يقول له: قل لا إله إلا الله، يقول لـ حصين بن عبيد كما عند أبي داود: {يا حصين كم تعبد؟ قال: أعبد سبعة، قال: أين هم؟ قال: ستة في الأرض وواحد في السماء، قال: فمن لرغبك ولرهبك؟ قال: الذي في السماء، قال: فاترك التي في الأرض واعبد الذي في السماء} {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء:١١٠].

وعقيدة أهل السنة والجماعة العقيدة الرائعة الجميلة الحسنة البديعة، هي التي يجب على الدعاة أن يدعوا الناس إليها أولاً، ففي الصحيحين، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: {أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن فقال: -واسمع إلى الداعية الكبير، الذي يدعو إلى الله على بصيرة- إنك سوف تأتي قوماً أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أطاعوك فأخبرهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة} الحديث.

ويقول صلى الله عليه وسلم لـ ابن عباس: {احفظ الله يحفظك} ويقول في آخر الحديث عن العقيدة: {واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك} هذا هو أول عنصر جعل محمداً عليه الصلاة والسلام داعية ناجحاً بإذن الله.

يا دعاة الإسلام! يا طلبة العلم! وحفاظ الرسالة! قضيتنا الكبرى هي تصحيح معتقد الناس، أما التلفيق والمسامحة في هذا الجانب فلا يصلح أبداً، ولا تنجح الدعوة فيه أبداً؛ لأن الدعوة أقيمت على التوحيد الخالص.

<<  <  ج:
ص:  >  >>