الأمر الذي ينبغي التنبيه عليه مما يعين على تقوى الله: مجالسة وصحبة وزيارة الصالحين، ومحبتهم والاستئناس بلقياهم فإنها من أعظم ما يعين على تقوى الله، كيف يتقي الله من يجالس الفجرة، ومن يحب المفسدين في الأرض؟! كيف يتقي الله من دائماً وقته مع كل معرض عن الله وكل فاجر في حدود الله عز وجل؟! ولذلك يقول علي رضي الله عنه وأرضاه: [[يا أيها الناس تزودوا من الإخوان الصالحين فإنهم عون في الدنيا والآخرة، قالوا: يا أبا الحسن! أما في الدنيا فصحيح، ولكن الآخرة في ماذا؟ قال: أما سمعتم الله عز وجل يقول: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}[الزخرف:٦٧] فوصف الله المتقين بمفهوم أنهم أصدقاء وأنهم أعوان في الآخرة كذلك]].
يقول الشافعي في رسالة للإمام أحمد:
أحب الصالحين ولست منهم لعلي أن أنال بهم شفاعة
وأكره من تجارته المعاصي وإن كنا سواء في البضاعة
فالله الله في محبة الصالحين، وفي الاستفادة منهم، وفي الجلوس معهم، وفي طلب دعائهم فإنه من أعظم العون في الدنيا والآخرة.
إخوتي في الله: لا أحب أن أطيل عليكم ولكنها وصيتي الجامعة بتقوى الله عز وجل، في السر والعلن وفي الحل والترحال، أن نتقي الله في أسماعنا وأبصارنا وألسنتنا وفي قلوبنا وفي مطاعمنا ومشاربنا وملابسنا، وأن نتقيه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في كل أمر ليكون الله سبحانه معنا، وليكفر عنا سيئاتنا وليتقبل منا أحسن ما كنا نعمل.
اللهم بعلمك الغيب، وبقدرتك على الخلق، أحينا ما كانت الحياة خيراً لنا وتوفنا إذا كانت الوفاة خيراً لنا، اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الغنى والفقر، ونسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، برحمتك يا أرحم الراحمين، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.