للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التوازن في الحب والبغض وإعطاء كل ذي حق حقه]

بعض الإخوة إذا أحب زميلاً تعلق به وحبه كحب مجنون ليلى ل ليلى يزوره في كل يوم، ويركب معه في السيارة، ويتصل به، ويرتحل معه، ويضيفه حتى يمله، ثم تكون القطيعة، يقول علي بن أبي طالب -ولو أن الألباني يجعل هذا حديثاً ويصححه، وفيه نظر، ولسنا بأعلم من الشيخ لكن البخاري جعله في الأدب المفرد من كلام علي رضي الله عنه لا من كلام الرسول [[أحبب حبيبك هوناً ما، فعسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك يوماً ما؛ فعسى أن يكون حبيبك يوماً ما]] وهذا أمر معلوم تجد بعض الناس إذا أحب زميلاً له تعلق به تعلقاً شديداً، ثم إذا حصلت بينهما جفوة كان من أعدى الناس عليه، ولو أنه خفف في الأول لما كان أحرج في الثاني، وهكذا العكس.

بعض الشباب يقدم حقوق زملائه على حقوق والديه، يقول أحد الآباء لابنه: قدرني على الأقل مثل أحد زملائك أو ربع ما تقدر زملاءك، أنت تضيفهم وتسافر معهم، وتبذل مالك لهم وتقول الحب في الله، الحب في الله، صحيح لكن له حدود، ويجب أن تحب والديك أكثر، وأن تطيع والديك أكثر، وأن تقوم بأعمالهم.

فمن المشاكل عند كثير من الشباب أن الوالدين لا يستجيبون للشاب إذا دعاهم إلى الله عز وجل ورسوله وإصلاح الأخطاء، وذلك لأنهم لا يجدون له أيادي بيضاء في البيت، يقول له أبوه: كيف أستجيب لك وأنت ما أوصلتني المستشفى، ولا قضيت أغراضي ولا حضرت ضيفي، ولا قمت بدعوة فلان ولا وقفت معنا؟ والرسول إنما قيد الناس بالجميل، وبالمعروف وبالأيادي البيضاء فكان له أعظم الأثر عليه الصلاة والسلام فيهم.

أرى -أيها الإخوة- أن طالب العلم يقتصر على ما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام من النوافل؛ قيام الليل مع الوتر، صلاة الضحى، أما ما وجد من قصص العباد وكتب التراجم من القرن السادس إلى الآن فأخاف أن تكون حجر عثرة في تربية الشباب، قرأت في صفة الصفوة أن عابداًَ كان يصلي في اليوم ثمانمائة ركعة ويمدحه ابن الجوزي، وذكر ابن القيم في مدارج السالكين.

قال: كان فلان يصلي خمسمائة ركعة في اليوم، ومدحه، وعلق على ذلك الشيخ محمد حامد فقي -لا شلت يده- فقال: فأين عبادة الرسول صلى الله عليه وسلم ثم حسبها بالدقائق، وقال: وأين حقوق الأهل؟! وأين التأمل؟! وأين تدبر القرآن والصدقة؟!

وأنا رأيت المحدثين دائماً يفعلون كما يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم مثل شيخ الإسلام ابن تيمية فهل سمع أحد أنه يزيد على هذه النوافل! هذا مع أن العبد لا يستطيع أن يقوم بما قام به الرسول صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>