ذهب منهم ابن عتيك وعباد بن بشر إلى رجل من اليهود كانت له جارية تغني بسب الرسول صلى الله عليه وسلم، يشرب هذا اليهودي الخمر ويأمر الجارية أن تضرب الدف وتسب الرسول صلى الله عليه وسلم بقصائد ينْظُمُها اليهود، فقال صلى الله عليه وسلم:{مَن يقتله منكم؟ قالوا: نحن يا رسول الله، وماذا تعطينا؟} والرسول صلى الله عليه وسلم ليس عنده دنيا، كما يقول أبو الحسن الندوي: لم يكن يعرض على أصحابه قصوراً ولا ذهباً ولا فضة، وهو ما شبع أصلاً من خبز الشعير، وكان ينام صلى الله عليه وسلم على الحصير فيؤثر في جنبه، من أين له جوائز ورُتب ونجوم وأوسمة يعطيها هذا الجيل؟ ولو فعل صلى الله عليه وسلم لانحرفت قلوبهم إلى الدنيا وتركت الآخرة، قال:{أنا أضمن لكم الجنة، فذهبوا، فصرخ ابن عتيك وصرخ عباد بن بشر لهذا فخرج من على رأس الدرج، فلما خرج لطموه بالسيوف فقتلوه، فنزل ابن عتيك -وقيل: محمد بن مسلمة - فعثر فانكسرت رجله، فأتى يسحبها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ابسطها أمامي، فبسطها فنفث صلى الله عليه وسلم وقال: باسم الله، فعادت وما كأن بها كسراً، قال: ما خبركم؟ قال عباد بن بشر: يا رسول الله! ائذن لي أن أتحدث بخبرنا -وكان شاعراً وهو من سادات الأنصار ومن أشجعهم، قتل يوم اليمامة، وهو من الشهداء الكبار عند الله، وكان يصلي فيبكي في المسجد ويبكي ببكائه نساء الرسول صلى الله عليه وسلم داخل البيت- قال: اعطنا خبرك، فقال عباد بن بشر يلقي قصة اغتيال اليهودي:
صرختُ له فلم يعلم بصوتي وأقبل طالعاً من رأس جدرِ
فعدتُ له فقال مَن المنادي فقلت: أخوك عباد بن بشر
فأقبل نحونا يهوي سريعاً فقطَّعه أبو عبد بن جبر
يهوي، أي: اليهودي، وأبو عبد بن جبر: من الأنصار، قتل من قريش في حومة وراء شجرة ثمانية.