[بعض الأشياء التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم حين أسري به]
ولما وصل عليه الصلاة والسلام إلى هناك استأذن هو وجبريل، واستدل أهل العلم بهذا على شرعية الاستئذان، وأن المستأذن يسمي اسمه ويذكر من هو، ولا يعمي على الناس ولا يقول: أنا.
فعبرها عليه الصلاة والسلام السبع في لحظات حتى وصل إلى سدرة المنتهى، وفي كل سماء بشر، في السماء الدنيا آدم، وذكر عليه الصلاة والسلام أنه رأى يوسف وقد أُوتي شطر الحسن، ورأى ابني الخالة يحي وعيسى عليهما السلام، ورأى موسى الشجاع القوي الأمين عليه السلام، ورأى هارون، ورأى إدريس وقد رفعه الله مكاناً علياً، ورأى إبراهيم في السماء السابعة، وموسى في السادسة، ورأى بيت العزة، وهذا البيت كالبيت العتيق، يطوف به كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة لا يعودون إليه مرةً ثانية إلى يوم القيامة!
حتى وصل عليه الصلاة والسلام إلى مكان يسمع صرير الأقلام هناك:
أسرى بك الله ليلاً إذ ملائكه والرسل في المسجد الأقصى على قدم
كنت الإمام لهم والجمع محتفلٌ أعظم بمثلك من هادٍ ومؤتممِ
لما خطرت به التفوا بسيدهم كالشهب بالبدر أو كالجند بالعلم
وقيل كل نبيٍ عند رتبته ويا محمد هذا العرش فاستلم
حتى بلغت مكاناً لا يُطار له على جناحٍ ولا يُسعى على قدمِ
بلغ عليه الصلاة والسلام منزلةً عُليا، يقول لجبريل: أتتركني في هذا المكان؟! أيترك الخليل خليله، والحبيب حبيبه في هذا الموطن؟! جلال خلق الله وعظمة الله تتصور في هذا الخلق الهائل، قال جبريل:{وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ}[الصافات:١٦٤] ولو تقدمت لاحترقت، فتقدم عليه الصلاة والسلام، وهذه من المنزلة العالية التي ما منحها الله أحداً من البشر، ورأى الجنة والنار، ورأى الأنبياء ورأى الملائكة، ورأى ألوفاً مؤلفة من الملائكة يملئون السماء وهم ركعاً لله! وملء السماء الأخرى سجداً لله! وآخرين مسبحين، وآخرين مقدسين، وآخرين متكلفين بالوحي، هذا يصعد وهذا ينزل! وآخرين موكلين بكتب الحسنات والسيئات، وآخرين معقبين يحفظونه من أمر الله من بين يديه ومن خلفه، وآخرين موكلين بالقطر، وآخرين بقبض الأنفس، وآخرين بتعذيب الأمم، وبتعذيب الفسقة والفجرة الذين ينحرفون عن أمر الله {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ}[المدثر:٣١].