ما هو الحد الذي ينبغي أن نتوقف عنده في تقليد الأجانب؟
الجواب
الأجانب نأخذ منهم ما أجادوه في العلوم الدنيوية، أما الدين فلا كرامة لهم، نحن عندنا ديننا يكفينا، ونحن نصدر إلى العالم ولا نستورد، ونوجه ولا نتوجه من غير الله عز وجل، ونعطي ولا نأخذ، نحن أمة عندنا دستور وكتاب خالد، وسنة فيها العقيدة والأحكام والسلوك والآداب، فإذا أتوا لنا بسلوك وأحكام وآداب، قلنا لهم هذه بضاعتكم ردت إليكم، عندنا كل خير، كل الصيد تجده في القرآن، أما أن تأتوننا بعلوم أرضية دنيوية فنقول: نعم، نأخذ منكم صناعة الطائرة، لأن الله جعل مبدأ في القرآن قال تعالى:{يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}[الروم:٧].
أجادوا في صنع الطائرة، وفي صنع السيارة، والتلفون: وهذه الخدمات، فنأخذها منهم لأنها لا تعارض ديننا، والحكمة ضالة المؤمن، ونأخذ منهم بعض الأسس التربوية المفيدة التي توافق ما عندنا من الدين.
لذلك في الصحيحين من حديث أبي هريرة:{إن الشيطان علمه آية الكرسي، يقول: اقرأها كل ليلة فلن يزال عليك حافظ، فقال صلى الله عليه وسلم: صدقك وهو كذوب} فلذلك ثبت عن علي -وبعض المحدثين يرفعون الحديث إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم-: [[الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذها]].
أما إذا كان هذا الشيء يهدم المعتقد، أو التربية أو السلوك، فنقول: لا.
ولا ترى لك عين، في كتاب كريسي موريسون الأمريكي وهو مترجم، عنوانه الإنسان لا يقوم وحده، يقول: يا أيها المسلمون أعطيناكم الطيارة والسيارة والخدمات وما أعطيتمونا حياة القلوب، وهو الإيمان.
وهذا صحيح نحن لا نقلدهم، إنما نأخذ منهم هذه المنتجات لأنهم يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا، أما علم الإسلام وعلم الدين، وعلم الآخرة، فلا:{بَلْ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ}[النمل:٦٦] لديهم عقول حمير: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمِينَ}[النمل:٦٦] وعندنا والحمد لله ما يكفينا، حتى في الأمور التربوية هذه وعلم النفس والسلوك؛ لأن عندنا في الإسلام ما يكفينا والحمد لله وهذا أمر طرقه أهل العلم.
والعجيب المذهل أن الإنسان يجد في كثير من الجامعات والمدارس تدرس كثيراً من الأسس التربوية، لـ كانت وديكارت، أما كتب ابن القيم فتقرأ بعد صلاة العصر للعوام ويكون هادئاً على مستويات الناس، أما الطلبة الأذكياء الفهماء فَيُدرس لهم كانت.
وما كانت إلا قطعة حمار لو وزن مع ابن القيم والله! لن يأتي ذرة من ذراته في الفهم والإدراك والسيطرة على المعلومات والاستقراء التام، مع النضوج الفكري، ومع الإخلاص والصدق لله عز وجل.
ابن تيمية يأخذون منه أسساً تربوية، في المكتبات يباع كتاب الفرنسي: ابن تيمية مربياً وآخر: علم النفس عند ابن تيمية، فيأخذون منها ثم نأخذ نحن منهم ولا نُعجب بعلمائنا.