[حكم جر الإزار]
المسألة السادسة: جر الإزار.
وهو موضع حديثنا اليوم، يقول عليه الصلاة والسلام: {لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء} وهنا مسألة، يقول بعض الناس: أنا لا أجر ثوبي خيلاء، إنما أسبلت هكذا، ويعلم الله عز وجل أني لا أجر ثوبي خيلاء.
قلنا: وما دليلك أيها المتقي الورع الزاهد العابد المجاهد؟ قال: دليلي أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال لـ أبي بكر لما شكا إليه وقال: {يا رسول الله! إن إزاري يرتخي لولا أن أتعاهده.
قال: إنك لست ممن يفعل ذلك خيلاء} فيقول: ما دام أن الرسول عليه الصلاة والسلام أباح لـ أبي بكر أن يجر إزاره، وقال: إنه ليس ممن يفعل ذلك خيلاء، فأنا أفعل ذلك.
قلنا له: أنت توقف أمام ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: الذي زكى أبا بكر هو المصطفى صلى الله عليه وسلم، {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم:٣ - ١٠] وأما أنت فتحتاج إلى من يزكيك ويشهد لك، ولن تجد مثل الرسول عليه الصلاة والسلام مزكياً.
المسألة الثانية: يا أيها الرجل العملاق العبقري، إن المزكى هو أبو بكر الصديق
من لي بمثل سيرك المدلل تمشي رويداً وتجي في الأول
من يأتي مثل أبي بكر؟ أأنت في زهدك وعبادتك مثل أبي بكر؟!
لا تعرضن بذكرهم في ذكرهم ليس الصحيح إذا مشى كالمعقد
{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام:٩٠].
المسألة الثالثة: نقول: لو فتح هذا الباب لأسبل الناس ثيابهم جميعاً، وقالوا: لا نفعل هذا خيلاء والإنسان يعصي الله عز وجل ويجاهر في ذلك، يسرق السارق من السوق ويقول: أستغفر الله العظيم، اللهم ثبتنا ولا تزغ قلوبنا بعد إذا هديتنا يضرب العود ويغني ويقول: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذا هديتنا، اللهم رد هذه الأمة إليك رداً جميلاً يغني ويقولون له: ما هي أمنيتك في الحياة؟ قال: أن ينصر الله المسلمين في فلسطين أنت بعودك هزمت المسلمين، أنت الذي أخر المسلمين عشرين سنة، بمثلك دخل شامير ورابين وموشي ديان بلاد المسلمين، وقصف بلاد المسلمين، وأنت على العود مسخت الأجيال وشباب المسلمين.
إسرائيل تدرب الكتائب والجيوش المجيشة، وما عرفت الغناء وحبيبي وحبيبتي، وأنت مسخت الأجيال وتغني لهم وهم يصفقون ويتراقصون، وأما إسرائيل فإنها ما رقصت ولا صفقت، عرفت من أين تأتي، فلذلك لا يصلح هذا الورع البارد المظلم.
الإنسان يرى إلى محرمات الناس في السوق، ويقول: اللهم قنعنا بما أتيتنا، وثبتنا واهدنا سبل السلام يقرأ المجلة الخليعة، فيقال له: لماذا لا تهتدي؟ فيقول: أسأل الله أن يهديني، وهل كفرت؟! لا.
ما كفرت، لكنك تقترب من الكفر وإن الذي يقترب من الزيغ والفسق والمعاصي يقترب من الكفر، وفي الإسلام خطوط أربعة وهي الدفاعات:
الخط الأول: دفاع الإسلام وهو الفرائض.
والثاني: السنن.
والثالث: الآداب.
والرابع: المروءات.
فإذا ضرب خط المروءات دخل في الآداب، فإذا انتهت الآداب ضربت السنن والنوافل، فإذا ضربت السنن دخل الجيش على الفرائض، فإذا ضربت الفرائض دخل الإنسان في الكفر، نعوذ بالله {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [الصف:٥] يقول المتنبي:
وأنا الذي جلب المنية طرفه فمن المطالب والقتيل القاتل