ولما أتته الوفاة أعطى التاجر خاتمه، وقال: أنا ابن الخليفة المأمون، إذا مت فغسلني وكفني واقبرني، ثم سلم هذا الخاتم لأبي، فغسله وكفنه وصلى عليه ودفنه، وأتى بالخاتم إلى المأمون، وظن المأمون، أن ابنه قد قُتل أو فقد أو ذهب على وجهه في مكان لا يدرى عنه، فلما رأى الخاتم شهق وبكى حتى ارتفع صوته، فسأل التاجر عنه، قال: أيها التاجر: هذا هو ابني فماذا كان يفعل؟ قال: كان عابداً ناسكاً أواباً ذاكراً لله، يلجأ إلى الله، ما ترك من الدنيا إلا قيمة الكفن، وقد لقي الله وغسلته وكفنته وصليت عليه، فارتفع صوت الخليفة والوزراء بالبكاء، وعرفوا أنه عرف الطريق، لكنهم ما مشوا معه في الطريق {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ}[الأنعام:١٢٥].