صح في صحيح البخاري، وسنن أبي داود ومسند أحمد، والحديث صحيح:{أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في أربعة مواضع في الصلاة: إذا ابتدأ تكبيرة الإحرام، وإذا أراد أن يركع، وإذا رفع من الركوع، وإذا قام من التشهد} هذه أربع حالات في السنة، وخالف فيها بعض الناس وقال الأحناف في رواية عنهم، ونسبت لـ أبي حنيفة رحمه الله: أنه لا يرفع إلا مرة واحدة، واستدل بحديث ضعيف، يقول الصحابي فيه:{فرفع صلى الله عليه وسلم مرة عند تكبيرة الإحرام ثم لم يعد إلى ذلك} وهذا الحديث ضعيف، واستدل ابن المبارك على الإمام أبي حنيفة بحديث أبي هريرة وابن عمر:{أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرفع إذا بدأ في الصلاة، وإذا أراد أن يركع، وإذا أراد أن يرفع} وفي رواية صحيحة كما أسلفت {وإذا قام من التشهد للركعة}.
أبو حنيفة صلى معه عبد الله بن المبارك فكبر أبو حنيفة وهو الإمام وكبر عبد الله بن المبارك ورفع يديه، فأراد أن يركع فرفع ابن المبارك يديه، ورفع أبو حنيفة من الركوع، فرفع ابن المبارك يديه، فلما سلَّم قال أبو حنيفة لـ ابن المبارك:"والله لقد خشيت أن تطير من جانبي " يعني: من كثرة ما رفع يديه -أي: أجنحة- قال ابن المبارك -والحق مع ابن المبارك -: " لو أردت أن أطير لطرت من أول مرة " أي: مع تكبيرة الإحرام، ولكن ما طرنا في التكبيرة الأولى، وهذا مأجور له أجر واحد، وهذا مصيب له أجران؛ لأن كلاً منهم أراد خيراً.
في العيدين والاستسقاء: التكبيرات ترفع الأيدي فيها؛ لأن عموم رفع الأيدي في التكبير يشمل هذا، وأهل العلم وجدوا نصوصاً في هذا، والإمام أحمد ألحقها بحديث ابن عمر، لما سئل هل في الجنازة يرفع يديه؟ قال: على حديث ابن عمر أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما افتتح رفع، فالرفع وارد مع كل تكبير، إلا ما لم يرد فيه الرفع مثل السجود، وفي بعض الهيئات وبعض الركوعات التي لم يرد فيها الأثر، أما هذه التي ذكرت فيرفع فيها الأيدي.
وفي الوتر إذا رفع يقول: سمع الله لمن حمده، وفي الدعاء لا بأس أن يرفع يديه، وقد ورد الحديث في مستدرك الحاكم وأشار إليه ابن القيم في زاد المعاد، وفي سنن الترمذي وهذا الحديث يضعفه ابن حجر قليلاً ويصححه أهل العلم، أن الرسول عليه الصلاة والسلام علم الحسن أن يدعو بدعاء القنوت في الوتر، والدعاء يكون برفع الأيدي، والمسح هو الذي فيه خلاف بين أهل العلم، لكن الصحيح ألا يمسح في الصلاة، أما خارج الصلاة فيمسح تارة، ويترك تارة مع العلم أن الحديث حسن، حتى خارج الصلاة لحديث ابن عباس، وحديث عمر في سنن الترمذي أوردها صاحب جامع الأصول، وحسَّن أسانيدها المخرج.
فالمقصود أن من مسح خارج الصلاة ليس عليه شيء، لكن لو تركها لضعف الأحاديث فنعم ما فعل، أما داخل الصلاة فاختار ابن تيمية ألا يمسح وجهه بيديه إذا انتهى من الدعاء مع الإمام؛ لأنه لم يرد فيها حديث صحيح، أما خارج الصلاة فيمسح تارة، ويترك تارة، مع العلم أن من العلماء من حسن هذا الحديث، وتجدونه في المجلد السابع أو الثامن من جامع الأصول في أدعيته صلى الله عليه وسلم أو نحو ذلك.