للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[عبد الغني المقدسي يخالف هواه]

أتوا بـ عبد الغني المقدسي صاحب الكمال في أسماء الرجال كان من أعبد الناس، ومن أقوى الناس، وكان شرساً قوياً، إذا رأى المنكر لا ينتظر، ولا يتفاهم بالهدوء، وآتاه الله قوة في الجسم، يقولون: كأنه كان ساريةً من حديد، وأسرته قوية.

مر بوزير من الوزراء، والوزير على فرس، ومع الوزير بغال محملةً خموراً، يريد أن يدخل بها العاصمة، فقال له: أين تذهب؟

قال: أريد أن أدخل، قال: ما هذه؟

قال: أمور، ففتش، فوجد الخمر، فقفز عبد الغني على هذا الوزير من على الفرس، فحطه في الأرض، وبرك على صدره، وأخذ يلطمه، ثم أخذ سكيناً ففجر كل القراب في الأرض.

وهذه نقف معها موقف: متى يكون تغيير المنكر باليد؟ وأحيلكم على ضوابط الأمر بالمعروف، وقد سبق هذا.

إنما الشاهد أن عبد الغني هذا سجن، وغضب عليه السلطان، فسجنه مع النصارى في بيت المقدس، فلما دخل السجن، رأى النصارى والصلبان على نحورهم، فقام يتوضأ، وكلما توضأ في الليل صلى ركعتين وبكى شهيقاً كأن القيامة قامت، فإذا جف وضوؤه، ذهب ليتوضأ، فما نام، فلما أصبح الصباح، أتى النصارى إلى السجان، فقالوا: أخرجنا إلى السلطان لنسلم، فأخرجهم فدخلوا على السلطان، فقالوا: نشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، قال: مالكم؟ قالوا: رأينا عبد الغني البارحة يصلي من صلاة العشاء إلى الفجر، فذكرنا بالقيامة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>