[آداب النوم]
آداب النوم أسردها لكم باختصار:
أولاً: أن تنام مبكراً، وهذا أسعد ما يكون، فهو صحة لك وعون لك على الطاعة وعلى القيام لصلاة الفجر أو تريد صلاة من آخر الليل، وقد ذم السلف السهر، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه {كان يكره النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها}.
ثانياً: أن تتوضأ وضوءك للصلاة، لقوله عليه الصلاة والسلام للبراء: {إذا أردت أن تنام فتوضأ وضوءك للصلاة} وحتى الإنسان الذي عليه جنابة يتوضأ وضوءه للصلاة، ولو أنه لا يصلي بهذا الوضوء ولا يقرأ به قرآناً.
ثالثاً: أن تستقبل القبلة لعموم قوله عليه الصلاة والسلام {قبلتكم أحياءً وأمواتاً} قال بعضهم: أي: تتجه بشقك الأيمن اتجاه القبلة، قال بعضهم: تجعل أرجلك اتجاه القبلة هكذا بالطول.
رابعاً: أن تجعل يدك اليمنى تحت خدك الأيمن استحباباً، كما فعل عليه الصلاة والسلام، فإنها تذكرك بضجعة القبر، والسكون في القبر والنوم في القبر.
يا طويل المنام أكثرت نوماً إن بعد الحياة نوماً طويلا
خامساً: أن تذكر الله عند النوم، وذكر الله عند النوم يأتي بآية الكرسي وقراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] ثلاثاً، والفلق ثلاثاً، وسورة الناس ثلاثاً، وتسبح ثلاثاً وثلاثين، وتحمد ثلاثاً وثلاثين، وتكبر ثلاثاً وثلاثين، وتقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاثاً، وتقول: {اللهم إني أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت}.
سادساً: أن يحضر سواكاً ويستاك قبل النوم، لئلا تتغير رائحته، أو يقوم متغير الرائحة، ويكون سواكه قريباً منه، حتى يبعثه الله من النوم من الليل ما شاء.
سابعاً: ألا ينام في سطح بيت ليس محدوداً {فإنه نهى صلى الله عليه وسلم -كما في سنن أبي داود - أن ينام الرجل على سطح بيت ليس محدوداً} لأن سطح البيت الذي ليس عليه حائط فيه خطر؛ فبعض الناس يتحرك في المنام ويقوم بدون شعوره، وبعضهم يذهب ويطرق على أبواب الحارات ويبيع ويشترى وهو نائم، وبعضهم يأخذ ثوبه بيده ويذهب في الشوارع يدعو إلى الله عز وجل وهو نائم، فعليه ألا ينام على سطح نهى صلى الله عليه وسلم عنه.
ومن الأمكنة كذلك: ألا ينام في الطرق، فمثلاً: إذا سافر لا ينام في الطرقات؛ لأنها ممر للدواب، فالعقارب والحيات والثعابين تمر من الطرق.
ولا ينام في مجرى السيل كأن ينزل وادياً، وينام وسط الجلة ووسط المكان؛ لأن السيل سيجعلها شذر مذر يوصله البحر الأحمر أو البحر المتوسط؛ فعليه ألا يفعل ذلك ولا يعرض نفسه للخطر وقد فعل السيل بأناس؛ لأن السيل لا يستأذن.
زارنا في الظلام يطلب ستراً فافتضحنا بنوره في الظلام
ثامناً: من الآداب أن يكون له ملابس غير ملابس اليقظة، ولتكن ملابس خفيفة واسعة فضفاضة، واسعة للحركة، وأسهل للنوم، وتسمى: ملابس النوم.
تاسعاً: أن ينفض فراشه؛ لأنه لا يدري ما خلفه وما يتعلق بالفراش كالبطانية والمنشفة والشراشف ونحوها؛ لأنه قد يكون اندس فيها صديق من عقرب أو ثعبان أو حية أو نحو ذلك.
عاشراً: أن يقول إذا انقلب من النوم: {لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله}.
حادى عشر: أنه إذا استيقظ يقول: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور.
ثاني عشر: أنه إذا استطاع من الليل أن يقوم؛ فليصلِّ ركعتين لظلمة القبور؛ فهي من خير ما يكون.
ثالث عشر: أنه إذا رأى رؤيا سوء أن يعود للآداب التي ذكرت سابقاً.
رابع عشر: أن يكون له قيلولة من النهار ما يقارب ساعة، إما قبل الظهر وإما بعده، فهي قيلولة.
قالوا فيما يروى: عند العربي أن النوم أربعة أقسام: فيلولة، وقيلولة، وهيلولة، وغيلولة، الفيلولة: بعد الفجر، والهيلولة: ضحى، والقيلولة: ظهراً، والغيلولة: بعد العصر، ولك أن تنام بعد الفجر، فهو ليس محرماً لكنه مذموم؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام صح عنه أنه قال: {بارك الله لأمتي في بكورها} لكن إذا غلبت من سهر أو مرض أو تعب فلك أن تنام، والنوم بعد العصر ليس فيه تحريم ولا يصح فيه حديث في النهي عنه لكن تقول العرب:
ألا إن نومات الضحى تورث الفتى خبالاً ونومات العصير جنون
قالتها العرب، ولكن آراء العرب والأتراك والهنود نجعلها مع الكتاب والسنة، فإن وافقت وإلا رمينا بها عرض الحائط.
ألا إن نومات الضحى تورث الفتى خبالاً ونومات العصير جنون
وما جن أحد ممن نام العصر، وكثير من الفضلاء ينامون من العصر إلى المغرب وما جنوا والحمد لله، ومما يذم النوم من المغرب إلى العشاء؛ لأنه قد يفوت صلاة العشاء.
هذا مما يقال في النوم، وأعدل النوم ما يكون ثمان ساعات، قال الغزالي في الإحياء من نام وعمره ستون سنة، نام ثمان ساعات في كل يوم وليلة كان نومه عشرون سنة؛ لأن الستين ثلثها عشرين دائماً خذها قاعدة، ثلث الستين عشرون وثلث أربعة وعشرين ثمان ساعات، فمن نام ثمان ساعات في أربع وعشرين ساعة فقد نام ثلث عمره، ويبقى من الثلثين أكل وشرب ولعب ولهو وصيد وسباحة وركوب خيل ومراسلة وجمع طوابع وغير ذلك، هذا في البقية، ويبقى وقت الإيمان قليل إلا المؤمن الذي حول حياته لله عز وجل.
من الناس من يكتفي بقليل من النوم وليس عليه بأس؛ بعضهم ينام ساعتين وتكفيه، وبعضهم ينام أربع ساعات، وبعضهم كثير النوم وهو مرض.
قد ينام بعضهم اثنتي عشرة ساعة، وبعضهم فتح الله عليه فينام ثماني عشرة ساعة، حتى فوت بعض الصلوات.
وسمعت أنا من رجل ينقل عن رجل آخر أنه كان في الشباب نام حتى مر به صلوات ثم استيقظ في الليل، قال: فرأى الليل فنام ظن أنها الليلة الأولى {قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا} [يس:٥٢]
إذاً: على المسلم أن يوقت وقته وأن يتعود؛ لأن التعود طيب، أما أن تنام ليلة متقدماً وليلة متأخراً سوف تكون منزعجاً في النوم.
خامس عشر: أن تغلق الأبواب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: {أغلقوا الأبواب} في حديث جابر في الصحيح لئلا يدخل عليك عدو أو سارق أو حية أو عقرب أو شيطان، فتقول بسم الله وتغلق الباب.
سادس عشر: إذا كان يوجد بجانبك نار فاطفئها، خاصة المسرجة، والقناديل كذلك عليك أن تقلل من ضيائها، وتكون هناك قناديل سهارية أو تعدم الضياء مباشرة، حتى الطب يقولون: لا تنام الخلايا إلا إذا انتهى النور، تبقى الخلايا تحترق وتشتعل في أثناء النور، وبعضهم يحذر من هذا، ويصاب الإنسان بمرض في بصره إذا كان النور قوياً ونمت فيه، ولذلك جعل الله النوم في الليل وجعل الاستيقاظ في النهار، فقال سبحانه: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً} [النبأ:١٠] وقال: {وَالنَّوْمَ سُبَاتاً} [الفرقان:٤٧] أي: راحة واطمئناناً، قالوا: ولا بأس بقنديل أقل من عشرين شمعة، قرأت هذا في بحث لأهل الطب يقولون ذلك للفائدة والمصلحة، ومن كان عنده ماء بجانبه أو لبن فليغطه بشيء ولو أن يعرض عليه شيئاً؛ لأنه أمر بأن يوكأ السقاء -القربة الزمزمية- توكأ وتسد، والإناء يوضع عليه شيء ليكون مستوراً من الحشرات.
وأبشركم أنه سوف ينزل بعد أسبوعين أو ثلاثة أربعة أشرطة اسمها آداب نبوية تربوية جمعها الأستاذ الفاضل الشيخ صالح أبو عراد الشهري المدرس بالكلية المتوسطة في أبها وألقيت في أربعة أشرطة هي هدية من أول رمضان، أول يوم في رمضان سوف تكون في السوق، وهذه تعيش معها مع الرسول عليه الصلاة والسلام في نومه وطعامه ولباسه وعطاسه وتثاؤبه ومزاحه وحياته صلى الله عليه وسلم، وهي للرجل وللمرأة، وللطفل وللأستاذ، وللطبيب وللمهندس، أول يوم من رمضان سوف تكون موجودة في ظرف هدية، لكن بدراهم، لأنا نريد أن نهدي لكن التسجيلات لا يهدون وهذا عيبهم -إلا من رحم ربك- وهم يتصدقون أحياناً حيث لا يراهم الناس.