للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أهمية اختيار الأسماء الطيبة للمولود]

وكان عليه الصلاة والسلام يُسمي الأطفال، لكنه كان يختار أسماء شرعية إسلامية، تقود الطفل إلى جنة عرضها السموات والأرض، وكان يقول كما في الصحيح: {أحب الأسماء إلى الله: عبد الله وعبد الرحمن} رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة بأسانيد صحيحة، وكان يقول في الصحيح {أصدق الأسماء: همام وحارث}.

قال ابن تيمية: إنما قال: همام؛ لأن الإنسان يهم بقلبه، والحارث دائماً يزاول بحركته، فجمع بين الاسمين عليه الصلاة والسلام، والعرب كانت تحب الأسماء القوية اللاذعة، ولذلك يسمون أبناءهم بأسماء الأسود.

أما رأيت إلى اسم حمزة ألا تدري ما معنى حمزة؟ إنه اسم للأسد، ولذلك كان حمزة بن عبد المطلب أسد، وللاسم دور في المسمى، وكان يسمى علي حيدرة، كانت أمه تلاعبه وهو طفل فيقع على رأسه في الأرض فيقع على جمجمته فلا يبكي لأنه نشأ على البطولة من صغره، نشأ محنكاً على الصراع، ونشأ قائداً عسكرياً منذ أول ليلة، فكان إذا وقع تقول:

نفسي فديت حيدرة كليث غابات كريه منظره

وكان يقوله في معركة خيبر لما خرج له مرحب قائد الكفار من يهود خيبر خرج مرحب وبيده سيف، وهو يقول: من يبارز، من يبارز؟ ويرتجز:

قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهب

فقال عليه الصلاة والسلام: {اخرج يا علي} أليس من مدرسة محمد عليه الصلاة والسلام! فخرج فجاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقاً.

خذ ما رأيت ودع شيئاً سمعت به في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل

فقال:

أنا الذي سمتني أمي حيدره

كليث غابات كريه المنظره

أكيلكم بالسيف كيل السندره

ثم ذبحه كذبح الدجاجة.

وكذلك كان العرب يحبون التسمية بصخر، ولد لـ علي كما صح في الحديث ولده الحسن فسماه صخراً، فسماه عليه الصلاة والسلام حسناً، وولد له الحسين فسماه صخراً، فسماه حسيناً، وولد له محسن فسماه صخراً، فسماه عليه الصلاة والسلام محسناً.

العرب أمة شجاعة، من أسمائهم: حرب، وصخر، وأمية، وحيدرة، وحمزة، ونحو ذلك، ولكن انحرفت التربية فيما بعد، فسموا الولد فيما بعد: دلال، فاختلط الولد بالبنت، فما يُدرى أهو ولد أو بنت، فأصبح دليلاً مدللاً في كلامه وخطواته، متكسراً في ألفاظه ولحظاته وسكناته وحركاته.

أو سموه اسماً لا طائل من ورائه، مثل: صنيهيت، لا فعل ماضي ولا فعل مضارع ولا اسم ولا حرف، وآخر سموه: شليبيح، آخر: جورج، وجورج اسم وثني مجرم، يسمى به أعداء الله، أو بوش، أو جرباتشوف، أو ما سار في مسارهم، أو اسماً لا معنى له، لا في العربية، ولا في الإنجليزية، مثل (نيو) رجل يقول: أحد الناس سمى ابنه (نيو) نبئوني بعلم إن كنتم صادقين ما معنى نيو؟ وهل هو حرف أو اسم.

وكذلك التسمي بأسماء تغضب المولى سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، كعبد الكعبة وعبد الشمس وعبد النبي وهذا تعبيد لغير الله عز وجل.

تكاثرت الضباء على خراش فما يدري خراش ما يصيد

الاسم في منهجه عليه الصلاة والسلام يكون معبداً لله، وأخنع الأسماء يوم القيامة، رجل تسمى بملك الملوك، لا ملك إلا الله، مثل شاهنشاه، أو ملك الأملاك، أو سلطان السلاطين، أو قاضي القضاة، أو نحو ذلك، وتفصيل هذا في مكان آخر، وسمى عليه الصلاة والسلام بعض أبنائه بأسماء الأنبياء، أتاه إبراهيم فسماه بإبراهيم الخليل عليه السلام، وكان بينه وبين إبراهيم خيط من النور، وكان أشبه الناس بإبراهيم: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ} [آل عمران:٦٨] وسمى ابناً لـ أبي موسى الأشعري بإبراهيم.

وكان يغير الأسماء عليه الصلاة والسلام، غير اسم غاوي إلى راشد، وظالم إلى مقصد، وعاصية إلى جميلة، وغير برة إلى زينب، قال: تزكي نفسها، ونهى عن تسمية يسار، كما في سنن أبي داود بسند صحيح، ونجيح ورباح، لأنه يقال: أثم رباح؟ فيقولون: لا، وأثَمَّ نجيح؟ فيقولون: لا، أثم يسار؟ فيقولون: لا، هذه التسمية في معالمه عليه الصلاة والسلام، وهي من حقوق الطفل على أبيه كما قال عليه الصلاة والسلام، أن تحسن أدبه واسمه، فإنا ندعى يوم القيامة بأسمائنا وأسماء آبائنا.

ولذلك كان ينبغي على المسلمين أن يتكنوا بالكنى الجميلة التي كان يكني بها محمد أصحابه، كان يقول: يا أبا حفص يا أبا الحسن والكنية أمرها عجيب، قال الشاعر اليمني:

أكنيه حين أناديه لأكرمه ولا ألقبه والسوءة اللقب

كذاك أدبت حتى صار من خلقي أني وجدت ملاك الشيمة الأدبا

الكنية الحقة التي أتى بها عليه الصلاة والسلام.

<<  <  ج:
ص:  >  >>