للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[عدم الوقوع في نفس المشكلة بتفادي الأسباب]

ومقصود صاحب كليلة ودمنة أنه يخاطب السادة، يقول: اعتبروا بما حل بجيرانكم قبل أن يحل بكم، ورأس الذئب المخلوع درسٌ عظيمٌ {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق:٣٧].

إياك أعني واسمعي يا جارة!!

يقول ابن القيم: نزل أعرابي يسأل عن بعير له ضاع، قال: مَن القوم؟

قالوا: بنو سعد، فارتحل إلى الوادي الآخر، قال: مَن القوم؟

قالوا: بنو سعد، فارتحل إلى الوادي الثالث، قال: مَن القوم؟

قالوا: بنو سعد، قال: في كل وادٍ بنو سعد! فصارت مثلاً.

والمعنى: في كل دارٍ مصيبة.

وهكذا فعل الله بالأيام وبالساعات وبالحوادث، والمقصود هو: سرعة تغير الحال، فليس عندنا عهد من الله، فالعهد الذي بيننا وبين الله أن نطيعه ونتولاه وننصر دينه.

أرسل عمر إلى القادسية سعد بن وهيب، فقال: [[يا سعد بن مالك بن وهيب -لم ينسبه لأبي وقاص-: لا يغرنك قول الناس: إنك خال رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ فإن الله ليس بينه وبين أحدٍ من خلقه نسب؛ فإن أحبهم إلى الله أتقاهم]] {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة:١٨] متى كانت الشعارات الكاذبة تبرئة لأصحابها؟

متى كان المجرم الذي يَلِغ في الدم ولياً لله؟

متى كان المتكلم أمام الجماهير بالعدالة وهو ظالم قريباً من الله؟

هذا المجرم يدعي حماية المقدسات والشريعة والإسلام والجهاد وأمثاله كثير: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ} [المائدة:١٨].

<<  <  ج:
ص:  >  >>