وهناك بحثٌ طريفٌ مستطرد: سئل ابن تيمية: هل يدخل الجنُّ الجنة؟ بحثٌ طريف، يقال له: هل يدخل الجن الجنة؟ ماذا يجيب ابن تيمية؟ ليس هناك نصٌ صريحٌ بالمنع أو بالإيجاب، فقال: لم يرد هناك نص، ولكن الذي يظهر من النصوص أنهم يدخلون الجنة، لأن الله عز وجل قال في سورة الرحمن:{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ}[الرحمن:٧٤] ولا يكون النفي إلا على أمر متحصل أو كما قال.
وجود الجنة الآن من معتقد أهل السنة والجماعة.
أيها الأبرار: إن الجنة موجودةٌ الآن، والشهداء في عهده صلى الله عليه وسلم دخلوا الجنة، ونعموا فيها، وأن الإنسان قد يرى الجنة إذا مات، ويفتح له بابٌ أو نافذةٌ إلى الجنة، فمن معتقدنا أنها موجودةٌ الآن، ومن معتقد أهل السنة وهو الصحيح أن الجنة لا تفنى، فهم خالدون مخلدون لا تفنى، قال الشيخ حافظ بن أحمد حكمي:
والنار والجنة حق وهما موجودتان لا فناء لهما
والفلاسفة والمنطقيون، قالوا: يخلقها الله فيما بعد، وقد كذبوا على الله، قال: وهما موجودتان لا فناء لهما؛ لأن بعض الفلاسفة قالوا: إن الجنة والنار تفنيان، فإن صح عنهم ما قالوا، فعليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وقال أبو الهذيل العلاف المعتزلي: يفني الله حركات أهل الجنة وأهل النار، هذا قول مبتدع يضرب به وجه صاحبه فالجنة حقٌ والنار حق، وهما موجودتان الآن لا فناء لهما، بل خلودٌ أبدي سرمدي.
أيها الإخوة: قبل أن أنتهي، الدرس المقبل -إن شاء الله- بجامع الملك فهد بـ أبها، عنوانه (ما ورد في وصف النار من الآثار) فأعاذنا الله وإياكم من النار، وباعد بيننا وبين النار كما باعد بين المشرق والمغرب، نسأله أن يحرم النار علينا وعليكم وعلى جميع المسلمين، ونسأله الجنة وما قرب إليها من قولٌ وعمل، ونعوذ به من النار وما قرب إليها من قولٍ وعملٍ.