[التعصب المذهبي والجهل بالحديث]
وبعد ما انتهينا من الشاطبي، نأتي إلى التعصب المذهبي، ونسأل الذي كسر إصبع أخيه المسلم يوم أشار بها في الصلاة؛ لأنه لا يرى الإشارة بالسبابة في الصلاة؛ فكسر إصبعه: لماذا كسرت إصبعه؟!
ثم نسأل الحنابلة: لماذا يتضاربون بالأحذية في سوق بغداد من أجل التعصب المذهبي؟!
ونسأل كذلك الوزير الخادم مرجان العباسي يوم يقول: أنا مقصودي أن أقتلع المذهب الحنبلي.
ورد ابن الجوزي وابن هبيرة عليه.
ثم نسأل الذين يقولون: الرأي الصحيح ما ذهب إليه الأحناف، لكن ننتصر لمذهبنا رياضةً وتقليداً، لماذا والحق أحق أن يتبع؟
عدم معرفة بعض الفقهاء بعلم الحديث؛ أليست مصيبة!! نعاها ابن تيمية للمسلمين!
يأتي محدث فيقول في أول الكتاب، وهو في كتاب من كتبنا نحن الفقهاء، أو نحن أهل هذه البلاد: {أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم} وهو حديث موضوع.
فرحم الله ذاك العالم، هل سأل نفسه أن هذا حديث موضوع؟!
أو عالم آخر يأتي في كتاب الطهارة بأول حديث: {أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال لـ ابن مسعود في ليلة الجن أمعك ماء؟ قال: معي نبيذٌ.
قال عليه الصلاة والسلام ثمرة طيبة وماء طهور} واستدل به هؤلاء في كتبهم، والحديث باطل من أصله، لم يكن ابن مسعود مع الرسول عليه الصلاة والسلام ليلة الجن.
ثم نأتي كذلك إلى عدم معرفة بعض المحدثين للفقه والاستنباط من الدليل، محدثٌ يروي حديثاً واحداً من أحد عشر طريقاً؛ حديث عائشة وهو في صحيح البخاري وصحيح مسلم: {كان صلى الله عليه وسلم يخرج لي رأسه من المسجد وأنا حائض، فأرجل رأسه} يُسْأَلُ هذا العالم فيقال له: هل يجوز للحائض أن تمس الرجل؟
قال: لا أدري؛ اسأل أبا حنيفة الذي يقول إنه يفهم علم الأولين وعلم الآخرين.
فذهب الرجل إلى أبي حنيفة فقال: نعم يجوز للحائض أن تمس الرجل، حدثنا الذي أرسلك عن فلان عن فلان عن عائشة أنها قالت: {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج لي رأسه من المسجد فأرجله وأنا حائض} فانظر كيف خفي الاستنباط والمقايسة في المسائل على هذا المحدث، وظهر لذاك؛ مع العلم أن هذا بارع في الحديث وذاك بارع في الفقه، وهذا ليس له باع في الاستنباط وذاك ليس له باع في الحديث.
ثم مجلس مع أحد الخرافيين عند ابن تيمية في الإسكندرية ومع أخيه عبد الله وقد ادعى العلم، وسوف يندد به ابن تيمية وأخوه ويضحكان عليه في المجلس.