ما رأي فضيلتكم فيمن قال: إن الدين الإسلامي يتصف بالثبات والمرونة، فالثبات في الأصول والمرونة في الفروع، والقياس على ما يستجد؟ ثم أرجو من فضيلتكم أن تبين كيف يكون الدين الإسلامي مواكباً للحضارة ومستجدات الحياة؟
الجواب
هذا السؤال يحتاج إلى محاضرة، وإلى كلام طويل، وتفريعات، ولكن أذكر بعض الأمور:
أما قضية الثبات والمرونة، فكلمة لا غبار عليها، فالإسلام ثابت في أصوله، مرن في مسألة مستجدات العصر، أما الصور التي وقعت وفقه النوازل التي نزلت على المسلمين، فإن الإسلام أوجد لها حلاً بالقياس، وغيره من صور التشريع، وعلى كل حال كلامك وارد أيضاً، وأما مواكبة الإسلام للزمن فهذا وارد، والشاهد أننا نعيش -الآن- في القرن الثامن عشر والحمد لله، فإن أحسن الناس اجتماعاً وأمناً من حكم شريعة الله عز وجل، وما وجدنا مسألة وجدت إلا وفي الإسلام جواباً لها {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}[الأنعام:٣٨] لكن من يأتي بهذا
الجواب
{ فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النحل:٤٣] فما وجدت مسألة إلا واجتمع العلماء وقالوا: قولهم في المسألة وأفتوا بذلك؛ إلا أن الأصول ثابتة، والشريعة ثرية، والكتاب والسنة موجودان، يقول شوقي:
شعوبك في شرق البلاد وغربها كأصحاب كهف في عميق سبات
بأيمانهم نوران ذكر وسنة فما بالهم في حالك الظلمات
فعندنا القرآن والسنة، ولكن كثيراً من الناس في حالك الظلمات؛ لأنه ما عرف كيف يهتدي إلى الكتاب والسنة، ومن قال: إن الكتاب والسنة والإسلام لا يواكب الزمن، فقد افترى على الله عز وجل؛ بل -والله- إن من أسعد الأمم الآن هي الأمم الإسلامية.
كم عمر الشيوعية؟
اثنتان وسبعون سنة، ولكنها انهارت ولعنت وتمزقت، والبعث كُسر ظهره الآن، واحترقت أوراق الشرائع الدنيوية الأرضية، وما بقى إلا الإسلام والمستقبل له، وسوف يطوق الدنيا بإذن الله، قال تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر:٩] فعلى كل حال هذا يحتاج إلى محاضرة حتى نبين هذه المسألة، وهي: مواكبة الشريعة للزمن، ومرونة وثبات وشمول الشريعة.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبة وسلم تسليماً كثيراً.