للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شجاعته صلى الله عليه وسلم]

ويأتي -عليه الصلاة والسلام- في الجهاد، فإذا هو الشجاع المبارز والمقدام الصنديد, قال الله: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ} [النساء:٨٤] أنت لا تفر إذا فر الأبطال، فلا تهرب من المعركة إذا تأخر الشجعان، فحرام عليك أن تتأخر, يقول علي -رضي الله عنه وأرضاه-: [[كنا إذا اشتد الهول وحمي الوطيس في المعركة، واحمرت الحدق -أي: العيون- كنا نتقي برسول الله عليه الصلاة والسلام فيكون أقربنا إلى القوم]].

أنت الشجاع إذا لقيت كتيبة أدبت فيها هول الردى أبطالها

وإذا وعدت وفيت فيما قلته لا من يكذب فعلها أقوالها

وقفت وما في الموت شك لواقف كأنك في جفن الردى وهو نائم

وقف عليه الصلاة والسلام في أكثر من عشرين معركة بالسيف والموت حوله, والاغتيالات تدبر له صباح مساء؛ تعرض لأكثر من إحدى عشرة محاولة اغتيال باءت بالفشل, الخناجر حوله, والسيوف والرماح، والله يقول له: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة:٦٧] يخاف يقول: يا ربِ! هوْل, قال: الله يعصمك من الناس, يا ربِ! مَوت, قال: الله يعصمك من الناس, يا ربِ! الأعداء كُثُر حولي, قال: الله يعصمك من الناس.

وإذا العناية لاحظتك عيونها تلقى الحوادث كلهن أمان

هكذا كان عليه الصلاة والسلام، يدخل الغار والموت حول الغار, يطوق بخمسين شاباً، كل شاب منهم يساوي جيشاً فتاكاً في القوة والشجاعة, فيلتفت ويخاف أبو بكر، فيقول كما قال تعالى: {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة:٤٠].

أبداً

وقفت وما في الموت شك لواقف كأنك في جفن الردى وهو نائم

تمر بك الأبطال كلمى هزيمة ووجهك وضاح وثغرك باسم

هزم عشرة آلاف من غطفان, ووقف يتبسم والكتائب تمر من بين يديه، وهم يلقون السيوف بين يديه يستسلمون، ويقيدون بالسلاسل مهزومين.

نثرتهم فوق الأحيدب نثرة كما نثرت فوق العروس الدراهم

<<  <  ج:
ص:  >  >>