للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[القصيدة البازية]

السؤال

الأسئلة كثيرة من الإخوة يطلبون من الشيخ أن يذكر قصيدته التي قالها في الشيخ عبد العزيز بن باز؟

الجواب

بعض الإخوة قد سمعها ست أو سبع مرات، حتى خجلت أنا من كثرة ما أوردتها.

الشيخ عبد العزيز بن باز عالم، نتقرب إلى الله بحبه، وبحب الصالحين، ونسأل الله أن يثبتنا وإياه، وأن يجعل عملنا وعمله خالصاً لوجهه الكريم، وهذا الرجل موهوب، ونشر الله له القبول في الأرض، ولست بأول مادح له، سبقني بعض الشعراء فمدحوا فضيلته وأثنوا عليه والثناء في أهل العلم بر ومثوبة، يقول تقي الدين الهلالي المحدث المغربي:

خليلي عوجا بي لنغتم الأجر على آل باز إنهم بالثناء أحرى

وزهدك بالدنيا لو أن ابن أدهم رآه رأى فيه المشقة والعسرى

وهي قصيدة ماتقارب ستين بيتاً، ومحمد المجذوب صاحب همسات قلب يقول:-

روى عنك أهل الفضل كل فضيلة فقلنا حديث الحب ضرب من الوهم

فلما تلاقينا وجدناك فوق ما سمعنا به في العلم والأدب الجم

فلا غرو أن تشري المكارم كابراً فتأسرها بالمكرمات وبالحلم

فلم أر بازاً قط من قبل شيخنا يصيد فلا يؤذي المصيد ولا يدمي

أما قصيدتي فهي البازية:

قاسمتك الحب من ينبوعه الصافي فقمت أنشد أشواقي وألطافي

لا أبتغي الأجر إلا من كريم عطا فهو الغفور لزلاتي وإسرافي

عفواً لك الله قد أحببت طلعتكم لأنها ذكرتني سير أسلافي

يا دمع حسبك بخلاً لا تجود لمن أجرى الدموع كمثل الوابل السافي

يا شيخ يكفيك أن الناس قد شغلوا بالمغريات وأنت الثابت الوافي

أغراهم المال والدنيا تجاذبهم ما بين منتعل منهم ومن حافي

مجالس اللغو ذكراهم وروضتهم أكل اللحوم كأكل الأغطف العافي

وأنت جالست أهل العلم فانتظمت لك المعالي ولم تولع بإرجاف

بين الصحيحين تغدو في خمائلها كما غدا الطل في إشراقه الضافي

تشفي بفتياك جهلاً مطبقاً وترى من دقة الفهم دراً غير أصداف

يكفي محياك أن القلب يعمره من حبكم والدي أضعاف أضعاف

أقبلت في ثوب زهد تاركاً حُللاً منسوجة لطفيلي وملحاف

تعيش عيشة أهل الزهد من سلف لا ترتضي عيش أوغاد وأجلاف

فأنت فينا غريب الدار مرتحل من بعد ما جئت للدنيا بتطواف

أراك كالضوء تجري في محاجرنا فلا تراك عيون الأغلف الجافي

كالشدو تملك أشواقي وتأسرها بنغمة الوحي من طه ومن قاف

إلى أن أقول:

يفديك من جعل الدنيا رسالته من كل أشكاله تفدى بآلاف

ما أنصفتك القوافي وهي عاجزة وعذرها أنها في عصر أنصاف

وبالمناسبة لما ذكر الأخ سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز أنا أتقرب إلى الله بالثناء للعلماء وأرى من واجب الأدباء الثناء على العلماء ليرى الشباب وأهل الصحوة وأهل الجيل أننا نحب العلماء، قبل عشرة أيام كان لي الشرف في زيارة فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين في عنيزة، وقد زارنا أمس وقبل أمس في أبها، فألقيت بين يديه أبيات على وزن قصيدة تنسب إلى علي رضي الله عنه، على هذا البحر الذي سوف أورده، أبو الحسن أمير المؤمنين يقول:-

دنياك تزهو ولا تدري بما فيها إياك إياك لا تأمن عواديها

تحلو الحياة لأجيال فتنعشهم ويدرك الموت أجيالاً فيفنيها

المال عارية ردت لصاحبها وأكنف البيت قد عادت لبانيها

والأينق العشر قد هضت أجنتها وثلة الورق قد ضجت بواكيها

فاعمل لدار غداً رضوان خازنها الجار أحمد والرحمن بانيها

قصورها ذهب والمسك تربتها والزعفران حشيش نابت فيها

قصيدته لا دار للمرء، قلت على هذه القصيدة، وفي آخرها ثناء على الشيخ ابن عثيمين:-

دنياك تزهو ولا تدري بما فيها إياك إياك لا تأمن عواديها

تحلو الحياة لأجيال فتنعشهم ويدرك الموت أجيالاً فيفنيها

المال عارية ردت لصاحبها وأكنف البيت قد عادت لبانيها

والأينق العشر قد هضت أجنتها وثلة الورق قد ضجت بواكيها

يا رب نفسي كبت مما ألم بها فزكها يا كريم أنت هاديها

هامت إليك فلما أجهدت تعباً رنت إليك فحنت قبل حاديها

إذا تشكت كلال السير أسعفها شوق القدوم فتدنو في تدانيها

حتى إذا ما بكت خوفاً لخالقها ترقرق الدمع حزناً من مآقيها

لا العذر يجدي ولا التأجيل ينفعها وكيف تبدي اعتذاراً عند واليها

فإن عفوت فظني فيك يا أملي وإن سطوت فقد حلت بجانيها

إن لم تجرني برشد منك في سفري فسوف أبقى ضليلاً في الفلا تيها

إلى أن قلت:

قل للرياح إذا هبت غواديها حي القصيم وعانق كل من فيها

واكتب على أرضهم بالدمع ملحمة من المحبة لا تنسى لياليها

أرض بها علم أو حاذق فطن يروي بكأس من العلياء أهليها

عقيدة رضعوها في فتوتهم صحت أسانيدها والحق يرويها

ما شابها رأي سقراط وشيعته وما استقل ابن سينا بواديها

ولـ ابن تيمية في أرضهم علم من الهداية يجري في روابيها

إذا بريدة بالأخيار قد فخرت يكفي عنيزة فخراً شيخ ناديها

محمد الصالح المحمود طائره البارع الفهم والدنيا يجافيها

له التحية في شعري أرتلها بمثل ما يرفع الأشواق مهديها

<<  <  ج:
ص:  >  >>