الثانية عشرة: وفيه أن ذكر المرء بما فيه من العيب جائز إذا قصد التنفير عن ذلك الفعل؛ بشرط ألا يسمى ولا يكون غيبة.
فنقول: كيف جاز لهؤلاء النسوة أن يجلسن ويغتبن أزواجهن؟ قيل: لأنهن في الجاهلية، وما عندهم أن الغيبة حرام، والنميمة حرام، وإسبال الثوب حرام الجاهلية تركب رءوسهم، فهم لا يعرفون الحلال من الحرام، فمن هذا القبيل -بارك الله فيكم- ما توقفنا عند الغيبة، أما في الإسلام فلا يجوز للمرأة أن تغتاب زوجها- كما قال الحافظ ابن حجر - إلا لمصلحة، كأن تشتكي عند القاضي أو الحاكم، فيقول لها الحاكم: ماذا تنقمين على زوجك؟ فتقول: إنه بخيل، أو سيئ الخلق أو مقاطع أو لا يأتينا إلا غروراً في البيت، ومن هذا القبيل.
ولذلك جاءت هند زوجة أبي سفيان إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقالت:{يا رسول الله! أبو سفيان رجل شحيح، ألا آخذ من ماله؟ قال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف} فهذه شكته وبينت عيبه للحاجة، فيجوز للمرأة إذا أتت حاجة أن تشكوه عند القاضي والحاكم إذا رأت أن في هذا مصلحة، وليس من الغيبة، أما لغير حاجة فلا يجوز وهو غيبة.