الثالث: الثبات على المبدأ ثبات الواثق من العاقبة، المتأكد من الخاتمة، الرسول عليه الصلاة والسلام لا يتعامل مع الأهواء، ولا يرضى بأنصاف الحلول، يقول: المتشدق الزنديق أبو جهل: يا محمد! تعال نعبد إلهك سنة وتعبد إلهنا سنة، وهذا لعب وفوضى، لا.
فأتى القول من الله:{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}[الكافرون:١ - ٦] أنا منفصل عنكم تماماً، لا جسور تمتد بيننا وأنتم مشركون، ولا حلول إلا بلا إله إلا الله، هذا هو الحق الصراح.
كان من أسباب انتصاره صلى الله عليه وسلم، الثبات على المبدأ ثبات الواثق من العاقبة، والمتأكد من الخاتمة:
يروى أن الجاهليين أتوا إليه عليه الصلاة والسلام فقالوا:{يا محمد! سفهت أحلامنا، وسببت آلهتنا، إن تريد ملكاً ملكناك، وإن تريد زوجة زوجناك، وإن تريد مالاً أعطيناك، فلما انتهوا قال: انتهيتم؟ قالوا: نعم.
قال: والذي نفسي بيده! لو وضعتم الشمس في يمني والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه} هذا هو الجواب، وهذا هو الثبات، الذي جعله يستمر عليه الصلاة والسلام، لا يرضى إلا أن يتم هذا الدين في الأرض، أو يقتل عليه الصلاة والسلام.
جاء في البخاري في كتاب الجهاد:{ولوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أُحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أقتل} عليه الصلاة والسلام، وإنما ذلك لتبقى لا إله إلا الله وليبقى التوحيد، وليسلم الناس لرب العالمين، فثباته عليه الصلاة والسلام مكن له بإذن الله في الأرض، ونصره بعون الله حتى بلغ الغاية.
إن الذي يقاتل من أجل دنيا، ومن أجل وطنية ينتهي ويتلاشى ولا يواصل، أما هو عليه الصلاة والسلام فقاتل من أجل أن تبقى كلمة لا إله إلا الله مرفوعة خفاقة في الأرض.