للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[نداء إلى كل مسلم ومسلمة]

يا عباد الله! يا مسلمون! يا صائمون! يا مصلون! يا أبناء الذين تعرفوا على الله في الرخاء فعرفهم في الشدة: أما آن لنا أن نعرف الله ليعرفنا؟ إنها وصية المصطفى عليه الصلاة والسلام، وإنه درسٌ خالدٌ نوجهه لأنفسنا ثم لإخواننا من كل مسلم ومسلمة علّهم أن يرعوا حدود الله، علّهم أن يحترموا حرمات الله، علّهم أن يعظموا شعائر الله، فالله خيرٌ حافظاً وهو أرحم الراحمين.

إذاً وصيته عليه الصلاة والسلام بل من أعظم وصاياه: (تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة) والله لقد أدرك أهل المال أن لا لذة لهم ولا سعادة إلا بتقوى الله، والله لقد سكنوا القصور وعمروا الدور واصطحبوا السيارات الفاخرة وتقلدوا المناصب لكن لما ضيعوا الله ضاعوا والله, {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه:١٢٤ - ١٢٦] ألا إنها وصيته عليه الصلاة والسلام، ألا إنها دعوته عليه الصلاة والسلام: (تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة) ويا شباب الإسلام ويا حملة كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم نعيش رخاء والله، رخاء يمثل في الأمن والاستقرار وبرد العيش، ويمثل في السكينة، ويمثل فيما كل ما سألنا وما طلبنا من الله أجابنا سُبحَانَهُ وَتَعَالى، فنعوذ بالله أن نغير نعمة الله كفراً، وأن نتنكر لمعروف الله {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [إبراهيم:٢٨] ألم تروا إلى الذين هجروا بيوت الله وهجروا كتاب الله، وهجروا شعائر الله، وأخذوا ما يغضب الله ويسخطه؟ ألم تروا ما فعلوا بأنفسهم؟ ألم تروا كيف يلعبون بالنار؟ وكيف يسعون إلى الدمار؟ وكيف لا يخشون الواحد القهار؟ {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [إبراهيم:٢٨] {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل:١١٢] سكنوا وارتاحوا وأكلوا وشربوا لكن انتهكوا المحرمات وأكثروا من السيئات فغضب عليهم رب الأرض والسماوات فأخذهم أخذ عزيز مقتدر {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:١٠٢].

سبحان من يعفو ونهفو دائماً ولم يزل مهما هفا العبد عفا

يعطي الذي يخطي ولا يمنعه جلاله عن العطا لذي الخطا

أسأل الله لي ولكم حفظاً وهدايةً وسداداً، اللهم اجعلنا من المقبولين الذين رضيت عنهم ورضوا عنك، اللهم بيض وجوهنا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، اللهم بعلمك الغيب وبقدرتك على الخلق أحينا ما كانت الحياة خيراً لنا وتوفنا إذا كانت الوفاة خيراً لنا، اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الغنى والفقر، ونسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مظلة، برحمتك يا أرحم الراحمين!

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>