[أسباب عدم إدراك التوحيد الخالص]
والمسلمون اليوم مليار، لكن قليل منهم من يعرف التوحيد, فهم يصلون ويصومون ويزكون ويحجون ويعتمرون, ولكن في تصوراتهم غبش, ولا يعرفون التوحيد الخالص, فإن الناس أحد ثلاثة أشخاص:
١ - إما مسلم معه هوية، ولكنه مغزو في فطرته وعقله من الغرب والشرق, فهو ممسوخ, قد يصلي لكن لا يتصور هذا التوحيد التوكل الخوف الرجاء الرغبة الرهبة فهو غربي من داخله، وفي ظاهره مسلم يتكلم بلا إله إلا الله لكنها في قلبه ميتة، ما تصور أثرها، ولا عرف مقدارها، وما أدرك منزلتها.
٢ - أو رجل جاهل في البادية يصلي ويصوم، لكن أدنى ذرة تقدح في توحيده, يذهب إلى الكاهن أو الساحر أو المشعوذ، يقول عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه: {من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد} أي: خرج من الملة, وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {من أتى كاهناً لم تقبل له صلاة أربعين يوماً}.
وأنا أعرف -وقد رأيت- أن هذا الشرك في القرى والبوادي متأصل منتشر، ومع ذلك يدعون أنهم موحدون ويصلون ويصومون، فما ينفعهم ذلك.
٣ - أو شيخ من مشايخ الصوفية الطرقية، الذين وقفوا للناس في الزوايا بالمرصاد, فهم أعداء التوحيد, معهم عمائم مكورة، ومسابح طويلة، ورقع مرقعة, ويقولون: أنتم تتعلمون من عبد الرزاق، وتقولون حدثنا عبد الرزاق، ونحن نأخذ علمنا مباشرة من الرزاق: حدثني قلبي عن ربي وذلك كذب! {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً} [الكهف:٥].
وهم أشبه بأحبار ورهبان بني إسرائيل، صدوا عن منهج الله, لا يعرفون التوحيد؛ يجعل أحدهم يده مثل الحجر الأسود، فيمد يده للجماهير يقبلونه ويقدسونه ويتمسحون به، ويأخذون ماءً من آثار وضوئه, ويقولون: شافِ مرضانا، ويعبدونهم ليقربوهم من الله زلفى, مثل اللات والعزى وهبل ومناة الثالثة الأخرى تماماً، فيصدون الجماهير عن منهج الله.
وأنا أعرف أن في المسجد من ينقل هذا الكلام, وأنا في هذا اليوم وأنا صائم أحمله أمانة أن ينقل هذا الكلام إلى مشايخ الطرقية وإلى الصوفية ليخبرهم أنهم على ضلال, إن لم يخلصوا توحيد الباري سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.