[شرح حديث: (من تشبه بقوم فهو منهم)]
السؤال الخامس: ما شرح وما صحة حديث: {من تشبه بقوم فهو منهم}؟
الجواب
الحديث صحيح رواه أبو داود، ومعناه: من تشبه بقوم في زيهم وفي حركاتهم التي اختصوا بها فهو منهم ويحشر معهم، نحمله على ظاهره.
يقول سفيان بن عيينة: " أمِرُّوا أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم على ظاهرها ".
قد يأتي لك أحد الناس يناقش في الحديث يقول: معنى {من تشبه بقوم فهو منهم} أي: يشابههم، أو ربما سار في طريقهم، أو شابههم في بعض الجزئيات، لا، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {فهو منهم}.
ومن التشبه: ما يفعله بعض المسلمين الآن من الانهزاميين الذين أصيبوا بالإنهزيمة: متشبهون بأعداء الله، فبعض الناس يرى الخواجة كأنه ملك نزل من السماء، لا طهر الله الخواجات فهم أنجس خلق الله، وهم أعداء الله عز وجل في كل عصر ومصر، وفي كل أرض، وهم يرصدون للإسلام المراصيد، والهزيمة النفسية التي أصابتنا نحن، لأننا نرى أننا ما قدمنا للبشرية في مائة سنة أو مائتين سنة شيئاً، نعم يقول:
كم صرفتنا يداً كنا نصرفها وبات يملكنا شعب ملكناه
فنحن الآن عالة على البشر، إذا ما حملنا الدين وقدمناه للناس فما قدمنا شيئاً، يقول كريسي موريسون في كتاب الإنسان لا يقوم وحده: " قدمنا لكم الثلاجة والبرادة والطائرة والسيارة وما قدمتم لنا الإسلام ".
أي: ينتظر منا الغرب والروس والأمريكان أن نقدم لهم الإيمان، لا ينتظرون منا أن نصنع لهم طيارة، نحن لا نستطيع أن نصنع ولا هايلوكس، حتى الطباشير ما صنعناها فكلها مستوردة، مكتوب عليها: صنع خارجي فقط، وحتى الدبابيس والإبر، وما فعلنا شيئاً إنما وقفنا موقفاً سلبياً من توزيع هذا الدين للناس، والناس ينتظرون منا متى نصل به إليهم.
أنا قرأت قصيدة لـ محمد إقبال مترجمة اسمها (بحثت عنك يا رسول الله في ألمانيا).
هذا محمد إقبال شاعر الباكستان وهو شاعر عملاق، شاعر يحب الله عز وجل، كان إذا صلى الفجر أخذ القرآن فيبكي حتى طلوع الشمس، وهو سبب انفصال باكستان عن الهند وقيام الدولة، يقول: بحثت عنك يا رسول الله في ألمانيا فما وجدتك! لقد سافر ليدرس الفلسفة في بون لأن عنده دكتوراه في الفلسفة.
قال: يا رسول الله! بحثت عنك في ألمانيا، والرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة ليس في ألمانيا، هو مدفون في المدينة، وهو يدري لكن يقول: بحثت عن عدلك ورأفتك ورحمتك وعن منهجك فما وجدت ذلك يا رسول الله في ألمانيا أين أنت؟ فقد وجدت ناطحات السحاب، وجدت السيارات والقاطرات، لكني ما وجدت الحب، ولا وجدت الإيمان، ولا وجدت السلام، نعم! هم الآن يسعون إلى الهاوية كما يقول دايل كارنيجي: " نسعى إلى الهاوية ١٠٠% "؛ قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً} [طه:١٢٤].
يقول أحدهم وهو من المهلوسين:
جئت لا أعلم من أين! ولكني أتيت!!
ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت!!
وسأبقى سائراً إن شئت هذا أم أبيت!!
كيف جئت كيف أبصرت طريقي لست أدري!!
ولماذا لست أدري؟!! لست أدري!!
لكن أهل الإيمان على بصيرة من الله، قال سبحانه: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام:١٢٢].
فالتشبه موجود، وهو انهزامية في هؤلاء المتشبهين، التشبه موجود في الأكل، ونحن من عادتنا أهل الإسلام أن نأكل -مثلاً- على السفر، ولكن الأكل على الماسات عادة من الغرب، ولذلك اليابانيون يرفضون ذلك تمسكاً بعادات اليابان، لا لأنهم لهم دين لكن هكذا يقولون: إن رئيس اليابان بعد الاتحاد قبل ما يقارب (٦٦سنة) زار طلابهم في الغرب، فقال: اصنعوا مأدبتين على طريقة اليابانيين والغربيين، ثم اعرضوا لي الشباب من اليابان، فعرضوا له؛ فإذا بعضهم جلسوا في الأرض على عادتهم، وأناس تأثروا بالغرب وجلسوا على الماسات يأكلون، قال: أما هؤلاء فلا يصلحون وأخذهم معتقلين، وأما هؤلاء فيبقون للدراسة، نريد من يبقى على عادات اليابان، هذا واليابان والغرب كلهم على يسارك في النار، لأنهم أمم ضالة، فأين المسلم الذي يعتز برسالته ومبادئه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذا التشبه يغني فيه كتاب اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم لـ أبي العباس ابن تيمية نظر الله وجهه في الجنة.