للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[فضل التسبيح]

أما فضل التسبيح: فيقول عليه الصلاة والسلام في الصحيح: {من قال: سبحان الله وبحمده في يومه مائة مرة غفرت ذنوبه ولو كانت كزبد البحر} وعند الترمذي بسند حسن: من قال: سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة} وقال أبو ذر فيما صح عنه: {يا رسول الله أي الكلمات أحسن؟ قال: {ما اصطفى الله لعباده، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم} وكان يقول عليه الصلاة والسلام وهذا آخر حديث في صحيح البخاري ختم به صحيحه، وروى هذا الحديث أيضاً مسلم، ورواه أيضاً أحمد، والترمذي، وابن ماجة، والنسائي، وصححه ابن حبان، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان، خفيفتان على اللسان: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم} وهذه الكلمة من ألطف الكلمات، وهي من أسهل الكلمات.

قال ابن الجوزي في صيد الخاطر كلاماً ما معناه يقول: عجباً لك إذا علمت أن كل كلمة بغرسة في الجنة وبنخلة، فكم يضيع عليك من النخلات؟! بعض الناس يتحدث ساعتين بالهرج والضياع والهراء والبغاء والفحش، وإذا طلبت منه أن يسبح قال: ساعة لربك وساعة لقلبك، والدين يسر، وليست الطاعة كل يوم.

وعند الترمذي: {أنه صلى الله عليه وسلم مر بإبراهيم الخليل -شيخ التوحيد- فقال: من؟ قال: محمد.

قال: نعم.

قال: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح} ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يفتخر بالنسب إلى إبراهيم ويغتبط ويسر ويقول للناس: {أما عيسى بن مريم فأشبه الناس به عروة بن مسعود الثقفي، وأما موسى فرجل آدم كأنه من رجال شنوءة، وأما إبراهيم فأشبه الناس به صاحبكم} يعني: نفسه صلى الله عليه وسلم وقد قال تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:٦٨] فالرسول صلى الله عليه وسلم أشبه الناس به، فقال إبراهيم عليه السلام: {أقرئ أمتك مني السلام} عليه الصلاة والسلام، يقول: بلغهم السلام، وكان إبراهيم في السماء السابعة، رفعه الله عز وجل؛ لأنه شيخ التوحيد، ثم موسى في السادسة، وهارون في الخامسة، وإدريس في الرابعة وهكذا، فقال: {بلغ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة قيعان وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر} وفي سند هذا الحديث نظر، وهو في فضائل الأعمال، يقول عليه الصلاة والسلام عند مسلم: {لأن أقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس -وفي لفظ آخر أو غربت-} والتسبيح يستخدم للتعجب، يأتيك خبر يفحؤك، فتقول: سبحان الله! {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور:١٦] وعندما ترى خلق الله في الكون تقول: سبحان الباري! ويأتي للتوجع يأتيك خبر فتقول: سبحان الله! ويأتي للإنكار فتقول: سبحان الله!

<<  <  ج:
ص:  >  >>