للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الشعراء الأفَّاكون

ومن شياطين الإنس أيضاً: الشعراء الأفاكون الآثمون، {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة:٣٠].

فهم في خلواتهم وجلواتهم ونواديهم، يكفرون بالله ويتبجحون، ويُسَمُّون (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر): شركة صَلُّوا، وأحدهم كتب مقالة يقول في أعلاها: (جاءك الموت يا تارك الصلاة) يشنع بها على الذين يدعون إلى إغلاق المحلات، وإلى ترك التجارات في أوقات الصلاة, والله يقول: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور:٣٦ - ٣٧].

والله يقول: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت:٣٣].

والله يقول: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:١١٠].

والله يقول: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة:٧٨ - ٧٩].

وقد ذكرتُ لكم من هؤلاء الشياطين، من القديم: الدَّشَرَة؛ لأن الدَّشَرَة قديمة، الدَّشَرَة مع إبليس من يوم وضع في الأرض، فأتى الكفر معه، وأتى الخزي معه، وأتى العار معه، وأتت قوى الشر معه، وأتت محاربة المبادئ معه، وأتى الظلم والظلام معه.

وأذكر نماذج، لَعَلِّي كررتُها؛ لكن اسمع إلى الكفر القديم الذي أتى به شياطين الإنس:

يقول أحدهم، وهو يعترض على الله، ويخاطب ربه؛ لأنه من شياطين الإنس في الأدب:

أيا رب تخلق أغصان رَنْدٍ وألحاظ حورٍ وكثبانَ رملِ!

وتنهى عبادك أن يعشقوا أيا حكم العدل ذا حكم عدلِ؟!

ويقول أبو العلاء المعري، معترضاً على الله عز وجل:

أنَهَيْتَ عن قطع الرءوس تعمداً حتى بعثت لقتلها مَلَكَيْنِ

وزعمت أن لها معاداً ثانياً ما كان أغناها عن الحالَينِ!

المعنى: يقول: يا رب! أأنت حرمت أن يُقتل الإنسان بالسكين، وأنت ترسل ملَكَين يذبحون الإنسان، فلماذا تعيد الإنسان وتخلقه؟! كان الأفضل ألاَّ تخلقه من أول الطريق، فعليه غضب الله إن لم يكن تاب.

ويقول الثالث:

أتوب إليك يا رحمن مما جنت نفسي فقد كثرت ذنوبُ

وأما من هوى ليلى وتركي زيارتها فإني لا أتوبُ

وهذا من شياطين الإنس.

<<  <  ج:
ص:  >  >>