[المسلمون بين الشبهات]
يا معاشر المسلمين! إننا ابتلينا بمعسكرين:
المعسكر الشرقي الشيوعي: صاحب الشبهات.
والمعسكر الغربي الرأسمالي: صاحب الشهوات.
لينين وماركس، ومن اصطفَّ في مسارهم، واعتقد اعتقادهم من أهل الإلحاد حاربوا العالم الإسلامي بالشبهات، أوبالشك والإلحاد والريبة، حتى أغْوَوا كثيراً من شباب الإسلام وصدوهم عن منهج الله.
فالنعرات التي تسمعونها بين الفَيْنة والفَيْنة على مركب الحداثة، أو الأدب الحداثي، أو تحرير المرأة أتت من لينين وماركس، وبثوها في العالم؛ فابتلينا بهذا المرض الخطير، فما هو علاجه؟
وابتلينا من المعسكر الرأسمالي الغربي الأمريكي والأوروبي بالشهوات: بالمرأة الفتانة، وبالمجلة الخليعة، وبالأغنية الماجنة، وبكأس الخمر، وبالضياع.
فأولئك يحاربوننا بالشك والريبة.
وهؤلاء يحاربوننا بالشهوات والأطماع.
فما هو مخرجنا؟
الحل أمام الشبهات: أن نصْدُق مع الله عز وجل، وأن نكثر من الأعمال الصالحة، وأن نأتي إلى القرآن الكريم فنتدبره تماماً، ونقرأه كما يريده الله عز وجل، ونقف مع آياته طويلاً.
وأيضاً: بالدعاء والتبتل، وصدق الالتجاء إلى الحي القيوم، فهو الذي ينقذنا أمام الإلحاد والزندقة، والشك والريبة والنفاق.
وأما الشهوات: فحلنا وموقفنا أمامها: الزهد وتقوى الله والمراقبة والمحاسبة والصبر.
ولذلك كان الأستاذ سيد قطب عندما سافر إلى أمريكا إنساناً عادياً، عنده الناس سواسية، فلما سافر إلى ولاية كلورادو في أمريكا، وعاش في مدينة دينفر وهو يطلب رسالة في العلوم، قال: "فرأيتُ المجتمع مجتمع الغابة، رأيتُ الضياع، رأيتُ الإنسان وهو يعيش كالحيوان، أجاد في طعامه وشرابه، وأجاد في مسكنه، وأجاد في تنقله؛ ولكنه أخفق في عالم الروح".
فقطع بعثته الدراسية، وعاد إلى القاهرة، وأول ما تناول القرآن، فبكى طويلاً، وعاش مع القرآن خمساً وعشرين سنة.
يقول في أول كتابه الظلال: "عشتُ مع القرآن، والعيش مع القرآن حياة ترفع العمر وتباركه وتزكيه".
فهل لنا أن نعود إلى القرآن، وهل لنا أن نعود إلى المساجد، وقد عدنا -والحمد لله- وعاد الكثير، وهل لنا أن نصدق اللجوء مع الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى.
فيا أيتها الأمة التي صاغها الله على سمعٍ وبصرٍ! وأراد لها أن تكون منقذة للعالم، وجعل عنوان موكبها النور والسجود, وجعلها خيِّرة أينما حلًّتْ وارتحلَتْ.
أدعوكم ونفسي إلى الله الحي القيوم، إلى التوبة الصادقة، والمعاملة الحسنة؛ فإنه -والله- لا يمكن أن نصدق مع مرءوسينا، ولا مع مسئولينا ورعاتنا إذا لم نصدق مع الله، ومن خان الله وضيعه فهو لما سوى الله أضيع.
قال عمر رضي الله عنه وأرضاه: [[مَن حفِظ الصلاة فهو لما سواها أحفظ، وقد حفظه الله، ومَن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وقد ضيعه الله]].
أسأل الله أن يحفظني وإياكم بحفظه، وأن يتولانا بولايته، وأن يرعانا ويهدينا ويسددنا، ويأخذ بأيدينا.
وإنها لفرصة من فرص العمر أن نعيش مع رسول الهدى صلى الله عليه وسلم.
نسينا في ودادك كل غالٍ فأنت اليوم أغلى ما لَدَينا
نُلامُ على محبتكم ويكفي لنا شرفاً نلام وما علَينا
ولم نلقاكمُ لكن شوقاً يذكرنا فكيف إذا التقَينا
تسلى الناس بالدنيا وإنَّا لعَمْرُ الله بعدَك ما سلَينا
فأسأله لي ولكم التوفيق والهداية والسداد.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين, والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.