أيعيش طالب العلم على هامش الأحداث؟ أليس له مبدأ يعتقده؟ أليس له عقيدة مضبوطة محددة معلومة، مسيرة له، متشادة العناصر والأواصر تأخذ أهدابها بأهداب بعض، معلومة في قلبه وواقعه وذهنه، لا يحد عنها قيد أنملة؟ هذا هو الواقع، والذي ينبغي لطالب العلم أن يكون معتقده معتقد السلف الصالح.
فلا بد أن يكون طالب العلم سلفي المعتقد، في كل ما أتى به المصطفى صلى الله عليه وسلم من الكتاب والسنة على مذهب السلف الصالح في الثلاثة القرون، فإنهم أعلم وأحكم وأسد وأسلم، لأن ابن تيمية ينقل أن بعض المناطقة والفلاسفة وأهل علم الكلام يقولون: طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أحكم وأعلم.
فكذبهم رحمه الله وقال: بل طريقة السلف هي أسلم وأحكم وأعلم، وطريقة الخلف أظلم وأغشم، وليس فيها خير إذا خالفت طريقة السلف، وأنت مطلوب منك أن يكون اعتقادك اعتقاد القرون المفضلة، في الأسماء والصفات وفي غيرها، واعرف أن هذه البدع لا يقبلها الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وأن أهلها مخالفون لـ أهل السنة وهم مختلفون، بعضهم صاحب بدع طفيفة، وبعضهم كثيرة، وبعضهم صغرى وبعضهم كبرى، فـ الأشاعرة ليسوا في الأسماء والصفات على مذهب السلف، ولا المعتزلة، ولا الجهمية ولا الرافضة، ولا المرجئة، ولا القدرية، ولا الخوارج، فكن سلفي المعتقد، تأخذ اعتقادك من معتقد السلف، وأحسن من كتب عن السلف ومعتقد السلف شيخ الإسلام ابن تيمية حيا الله ذاك الرجل، وحيا كتبه، هذا أمر لا بد أن ينبه عليه حتى يتأكد العبد.
وأما أن يقول: ليس بيننا وبين العباد خلاف، بل خلاف وأي خلاف، ولماذا أقيمت المناظرة والمحاجة، وقام الغضب من أجل لا إله إلا الله، ومن أجل الأسماء والصفات إلا لهذه الأمور، الخلاف موجود لكن يختلف الخلاف من خلاف إلى خلاف، حجمه وتأثيره ومداه، فلا بد أن نعرف أن هذا أخطأ في هذه المسألة فيبدع فيها بحدها وبحجمها.