للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[عاقبة المعاصي]

أيها الناس: ومما أفنى حياتنا، ونحن نعيشها - ولعلها خفت -: مسألة التهالك في الطرب، والإسراف في اللغو واللعب على حساب الدين، بل بعضهم يحفظ من القصائد مائة قصيدة أو أكثر، ولكنه لا يحفظ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد:١] ويعيش معها ويكررها، وأنا أقول: تناشد الشعر ليس حراماً، فالرسول عليه الصلاة والسلام تناشد الشعر واجتمع، وكان الصحابة يتناشدون؛ لكن قضاء المجالس والتجمعات في طرب ولهو وغفلة وإعراض عن منهج الله، فإنه لمنذر بقسوة القلوب، ونسيان علام الغيوب، وكثرة الذنوب، وإن هذا لعلامة اللهو واللغو.

مر الحسن البصري بشباب يرقصون يوم العيد، قال: [[إن كنتم مقبولين فما هذا عمل الشاكرين، وإن كنتم مطرودين، فما هذه توبة المحرومين]] ومعنى كلامه، أي: إن كنتم قبلكم الله، فلماذا لا تشكرون الله، قال تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم:٧] وإن كنتم مطرودين فلماذا لا تبكون على خطاياكم، فنحن أحد رجلين، إما رضي عنا وأصلحنا فالواجب أن نزيد من شكره سُبحَانَهُ وَتَعَالى، وإما أننا أناس غضب الله علينا وخذلنا، فالواجب أن نبكي على خطايانا.

قال تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل:١١٢] والبلدان التي حولنا، كانت أنعم منا وأرغد وأسعد، لكن كفرت بمنهج الله، كانت المرأة عندهم تخرج كالسلع، تسام في الفنادق والحوانيت، وفي الليالي الحمراء، وكان الخمر يباع عندهم مثل ما يباع الماء ولا يزال، لا قرآن ولا سنة، يقول شاعر بعض البلدان المجاورة يوم مهرجانهم:

هبوالي ديناً يجعل العرب أمة وسيروا بجثماني على دين بُرْهُمِ

سلام على كفر يوحد بيننا وأهلاً وسهلاً بعده بجهنمِ

ويصفقون له، ويحملونه على الأكتاف، فأراهم الله ما هي جهنم، وأيقظهم الله على أصوات الصواريخ، ودكدك منازلهم بأصوات المدافع {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل:١١٢].

<<  <  ج:
ص:  >  >>