للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأمر بالتفكر لمعرفة الله]

والله يقول للناس: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية:١٧] لماذا لم يقل الفيلة؟ لأن الأمة العربية أمة إبل، وهذا من لطائف المفسرين.

يقولون: الجمل جمع مائة صفة من الحيوانات، رأسه يشابه رأس الجرادة، وأذناه أذن الذئب، وذنبه ذنب السرحان، وركبتاه كالنعامة، وزوره كحيوان آخر، ويحقد مثل حقد الإنسان أو أكثر، فيقول الله: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ} [الغاشية:١٧ - ١٨].

يقول سيد قطب رحمه الله في الظلال: أفلا ينظر أهل الصحراء إلى السماء، والسماء في الصحراء لها طعم ومذاق، فكأنه لا سماء إلا في الصحراء، لكن نحن ما أصبحنا نرى السماء، أصبحنا بين الأفران والخبازين والغسالين والسيارات، والصياح والمطاعم والفنادق، والحراج والبيع والشراء، فما أصبحنا نرى السماء ولا النجوم، ولا القمر، ما تسمع إلا حمحمة وطمطمة وغمغمة، فيقول سيد قطب: {وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ} [الغاشية:١٨] قال: أفلا ينظر أهل الصحراء إلى السماء، والسماء في الصحراء لها طعم ومذاق كأنه لا سماء إلا في الصحراء، السماء بأصيلها الفاتح وبحديثها الساحر، السماء وفيها النجوم في الليل، النجمة الواحدة كأنها مهجورة، أي: كأنها طردت من بين النجوم فهي محرومة، والنجمتان كأن بينهما حديث الود والنجاة، والمجموعة من النجوم كأنها في مهرجان الحياة، فهذا كما قال الأول:

وكتابي الفضاء أقرأ فيه سوراً ما قرأتها في كتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>