للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الكسل في العبادة]

العلامة الخامسة: الكسل في العبادة, قال سبحانه: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء:١٤٢] إذا رأيت الإنسان يتكاسل عن الصلاة، وعن الصف الأول، وعن الذكر، وعن الدعوة، والعلم، وعن مجالس الخير, فاعلم أن في نفسه وسوسة وأن الشيطان يريد أن يفرخ ويبيض في قلبه, فليتنبه لذلك, ليس المعنى أن من صلّى فهو بريء من النفاق, والمنافقون كانوا يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم, لكن علامة صلاتهم كسالى: يقومون بكسل وببطء وببرود لا يعرفون القوة, ولا الحياة, والله يقول: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم:١٢] أما هؤلاء فيجر أحدهم أقدامه، فكأنما يجر بالسلاسل إلى المسجد, فيقف في طرف الصف أو في آخر المسجد, لا يدري ماذا قرأ الإمام, لا يتدبر ولا يعي.

فقل للعيون الرمد للشمس أعين تراها بحق في مغيب ومطلع

وسامح عيوناً أطفأ الله نورها بأبصارها لا تستفيق ولا تعي

وقد ورد في صحيح مسلم من حديث الأسود بن يزيد العراقي العابد {قال: قلت لـ عائشة: متى كان صلى الله عليه وسلم يستيقظ لصلاة الليل؟ -أي: قيام الليل- قالت عائشة: كان يستيقظ إذا سمع الصارخ} -الصارخ: هو الديك- وقالت عائشة: {وكان صلى الله عليه وسلم يثب وثباً} -ما قالت يقوم قياماً- إنما يثب وثباً, وهذا يدل على الشجاعة, والحيوية, وحرارة الإيمان, وعلى قوة الإرادة, يأتي إلى العبادة بطاعة, ولذلك تجد الصالح ينظر دائماً في عقارب ساعته, متى يؤذن؟ هل حان وقت الصلاة؟ هل أقبل الوقت؟ ثم يقوم مبادراً.

قال الإمام أحمد في كتاب الزهد في ترجمة عدي بن حاتم: [[والله ما قربت الصلاة إلا كنت لها بالأشواق]] , وقالوا عن سعيد بن المسيب عن سيرته: [[ما أذن المؤذن من أربعين سنة إلا وأنا في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام]].

وهذا هو الإيمان والله! وإذا رأيت الرجل في الروضة، وفي الصف الأول, فاشهد له بالإيمان.

وعند الترمذي بسند فيه مقال، فيه دراج أبي السمح عن أبي الهيثم وفيه ضعف, قال صلى الله عليه وسلم: {من رأيتموه يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان} لكن معناه صحيح عند أهل العلم, فإن من أتى المسجد وداوم على ذلك, برئ -إن شاء الله- من النفاق الاعتقادي, وعليه أن يبرأ نفسه من النفاق العملي.

فالكسل يا إخوتي في الله! علامة من علامات النفاق، وتظهر في العلامات الثلاث, في العبادة، في الصيام، في الذكر، في الإقبال للدروس وإلى العلم النافع، إلى الدعوة, فليتنبه العبد, وليحذر على نفسه من الكسل, فإنه والله داء خطير وصف الله به المنافقين والعياذ بالله.

<<  <  ج:
ص:  >  >>