[خوض المتأخرين فيما سكت عنه الصحابة]
القضية الأولى: أقول المتأخرون خاضوا فيما سكت عنه الصحابة، فخاضوا في بعض ألفاظ المعتقد سكت عنها الصحابة: قالوا: الجوهر والانفصال والاتصال، وهذه الأمور سكت عنها الصحابة, وخاض فيها والمتأخرون, فانتبهوا يا طلبة العلم ويا حملة الرسالة أن تنتهجوا نهج هؤلاء, وانتهجوا نهج أصحاب محمد عليهم الصلاة والسلام: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام:٩٠].
المتأخرون أدخلوا ثقافات الأمم الكافرة في المعتقد، مثل بشر المريسي والجعد بن درهم، وجهم بن صفوان، محمد بن الجهم وأسيادهم: كـ سقراط وبقراط وأمثالهم وأضرابهم وأشياعهم, ثم تأتي مدرسة الفارابي ومدرسة ابن سيناء فهؤلاء أشياخهم, أما أهل السنة فشيخهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي ومعاذ وسلمان لكن أولئك أدخلوا ثقافات الأمم الكافرة في المعتقد.
القرآن كلام الله عز وجل تكلم به وأنزله على قلب محمد صلى الله عليه وسلم حتى أتى المأمون:
ألا قبح الرحمن بغلة فاجر أتتنا تهادى من عراق بخالد
ولا أقول في المأمون شيئاً, ولكن أقول مثلما قال ابن تيمية: "إن الله لا يغفل عن المأمون وسوف يسأله عن إدخاله ثقافات اليونان على معتقد المسلمين" ولو أن البدعة سبقت المأمون، لكن الذي تحمس لها ونصرها بالسيف, وقتل بعض العلماء وحبس وعاند فيها هو المأمون , وشكر الله لبعض الأمراء المسلمين جهدهم من الذين حاربوا البدعة على العكس من المأمون، منهم: خالد بن عبد الله القسري أمير العراق، أتى الجعد بن درهم فأنكر أن يكون الله كلم موسى تكليماً أو اتخذ إبراهيم خليلاً، فقال له الأمير: تب، قال: لا أتوب -انظر إلى إصرار أهل الباطل على باطلهم-.
الآن بعض أهل الحداثة يسهر إلى الساعة الثانية والثالثة ليلاً يدبج قصيدة, ويقدح بها في الإسلام والاستقامة والمسجد والرسول والرسالة، سبحان الله! وتجد المؤمن والداعية وطالب العلم وكأنه ليس عليه من هذه القضايا- قال له: تب، قال: لا.
قال: أخرجوه معي يوم عيد الأضحى، فأخرجوه مكتفاً.
والأمير على المنبر يخطب الناس، قال: يا أيها الناس إن الجعد بن درهم أنكر أن يكون الله كلم موسى تكليماً واتخذ إبراهيم خليلاً, فضحوا تقبل الله أضحيتكم فإني مضحٍ بـ الجعد بن درهم , ثم نزل وأخرج الخنجر, فبرك الجعد وبرك على صدره, واستقبل به القبلة وذبحه، قال ابن القيم شاكراً خالد بن عبد الله القسري:
ولأجل ذا ضحى بـ جعد خالد الـ القسري يوم ذبائح القربان
إذ قال إبراهيم ليس خليله كلا ولا موسى الكليم الداني
شكر الضحية كل صاحب سنة لله درك من أخي قربان
يقول: من أراد أن يذبح فليذبح مثلك، البدنة عن سبعة، الناس يذبحون خرافاً وأنت تذبح رجالاً، ومن يريد أن ينصر الدين يفعل مثلك، برك بركبتيه على صدره وأخرج السكين، وقال: باسم الله، وأجزأه عند المتحمسين الأضحية، ولكن لا بد له في السنة من خروف آخر مع هذا الخروف.