يقول أحد التابعين: مررت بـ عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها وأرضاها، الصادقة بنت الصدّيق, المطهرة المبرأة من فوق سبع سموات, زوجة رسولنا عليه الصلاة والسلام، التي أتاها في يوم واحد كما يقول عروة بن الزبير من معاوية بن أبي سفيان وهو خليفة في دمشق ثمانون ألف دينار فوزعتها وهي صائمة، ونسيت نفسها من الإفطار! فقالت لها مولاتها وجاريتها: يا أم المؤمنين! كيف لم تبق دنانير نأخذ بها إفطاراً؟
قالت: والله إني نسيت, يا سبحان الله! من ثمانين ألف دينار تنسى نفسها! - قال هذا التابعي وأظنه الأسود بن يزيد: [[مررت بها وهي تقرأ في صلاة الضحى: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}[الطور:٢٧ - ٢٨].
قال: وسمعت لبكائها نشيجاً، فذهبت والله إلى السوق وعدت وهي تقرأ مكانها في ركعة واحدة]] عائشة رضي الله عنها وأرضاها التي بقيت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم, أما ليلها فمناجاة للحي القيوم وتلاوة وذكر ودعاء, وأما نهارها فصيام.
عائشة التي كانت تربي بكلماتها ما لا يربيه ألف أستاذ وألف داع وداعية اليوم, كانت كلماتها من نور؛ لأنها تربت في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم, وما أعقلها وما أعلمها بالله تبارك وتعالى!