[التجاء العبد إلى الله في الشدة وكفره بالنعمة في الرخاء]
{انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى كهف في الجبل، فآووا إلى الغار وقد أمطرت السماء، فانطبقت صخرة من الصخرات على فم الغار فسدَّته}:
يا ألله! لم يبق منجى ولا ملتجى ولا مفر من الله إلا إليه، ومن الذي ينجي العبد في الأزمة إلا الله:{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ}[النمل:٦٢].
فأصبحوا في ورطة لا يعلمها إلا الله، لا أنيس، ولا قريب، ولا ولد، ولا صاحب، ولا عشيرة، ولا قبيلة.
جلس الثلاثة وضمهم الليل الدامس، وليس عندهم من الطعام والشراب ما يكفيهم، وهم في صحراء مقحلة وقفر، إن صوتوا لا يسمع صوتهم إلا الله، وإن بكوا لا يسمع بكاءهم إلا الله، وإن صاحوا لا يسمع صياحهم إلا الله، فتشاوروا.
والعبد إذا ضاقت به الضوائق أخلص التوحيد لله الواحد الأحد.
والعجيب أن العبد وقت الرخاء يتمرد على الله، ويعصيه ويتعدى حدوده، وينتهك حرماته إلا من رحم الله، لكن إذا أُخِذَ بزمامه وشد عليه خناقه عاد إلى الواحد الأحد:{فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}[العنكبوت:٦٥].
فالشاب قوي البنية، الصحيح، المتكامل العضلات يفجر إلا من رحم الله، ولا يصلي مع الجماعات إلا من وفق الله، ولكن إذا أصبح في المستشفى على السرير الأبيض عاد بقلبه إلى الواحد الأحد.