{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}[التكاثر:١ - ٣] سبحان الله! كلمة (كلّا) كأنها صاعقة في القرآن، لا تأتي إلا في أسلوب وهجوم أدبي، الهجوم الأدبي تستخدم فيه كلا.
{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا}[المؤمنون:٩٩ - ١٠٠](كلّا) هذه كالجبل، تتحرك كأنها القوارع أو القذائف على الرءوس.
{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}[التكاثر:١] أهذا صحيح؟! كلا هذا خطأ؛ أخطأتم في الأسلوب، وأخطأتم في العمل، وأخطأتم في الفهم، وأخطأتم في الإدراك والإرادة.
{كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}[التكاثر:٣] سوف تظهر، لكم أمور ما ظهرت، كان ابن عمر رضي الله عنهما يقرأ قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}[الزمر:٤٧] فبكى حتى أغمي عليه.
وفي كتاب الزهد لـ وكيع بن الجراح بسند جيد إلى ابن عمر أنه قرأ قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}[المطففين:١] حتى بلغ قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[المطففين:٦] فبكى حتى أغمي عليه ورش بالماء {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}[الزمر:٤٧].
{كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}[التكاثر:٣] صلوا وصاموا وحجوا؛ لكن رياءً وسمعة، وظنوا أنها رصيد عند الله، فلما حضروا وجدوها هباءً منثوراً، فبكوا وتضرّعوا ولكن حيث لا ينفع التضرع والبكاء.