[كرامات الأولياء وخرافات الدجالين]
ومنها أن الملائكة شاركت في المعركة وهذا عضد للرسول صلى الله عليه وسلم وأنها كرامات لأولياء الله لا تنقطع أبد الدهر، سواءً في عهد الصحابة أو في عهدنا، فإذا سمعتم بالكرامات فلا تكذبوها.
ولكن كذلك لا نشرك في سماع الكرامات، وذلك كأن تأتينا كل يوم عجوز تحدثنا: أنها رأت ملائكة تنزل من السماء، وأنها صلت على سطح بيتها، أو كذا فنقول: ما شاء الله صدقتي، لأن الملائكة شاركت في بني قريظة! فنحن نؤمن بالكرامة، لكن إذا ثبتت بأسانيد، وكانت لا تخالف القواعد الشرعية.
وهنا خطبٌ عجيب وكذبٌ صراح: {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور:٤٠] يقول الكاتب: إخواني المسلمين، أخواتي المسلمات فرصة: فتاة عمرها ثلاث عشرة سنة مرضت مرضاً شديداً وعجز الأطباء في علاجها، وفي ذات ليله اشتد عليها المرض وبكت المسكينة حتى غالبها النوم، ورأت في منامها: بأن السيدة زينب رضي الله عنها وأرضاها وضعت في فمها قطرات، وبعد أن استيقظت من النوم وجدت نفسها أنها قد شفيت من مرضها تماماً، وطلبت منها السيدة زينب رضي الله عنها: أن تكتب هذا الرواية مرةً واحدة، لا أدري في أبها أو في خارج أبها على المسلمين والمسلمات لينظروا في قدرة الله تبارك وتعالى، وعند توزيع النسخة وجدت الآتي:
النسخة الأولى: وصلت إلى يد فقير، كتبها ووزعها على الناس وبعد مضي ثلاثة عشر يوماً أغناه الله عز وجل، بعد ما كتبها ووزعها، ووصلت إلى يد عامل أهمل في كتابتها ثلاثة عشر يوماً ففقد عمله، أي فصل من العمل بقرار رجعي.
النسخة الثالثة: وصلت إلى يد غنيٍ رفض كتابتها وتوزيعها وبعد ثلاثة عشر يوماً افتقر، فنرجو إبلاغ الإخوة بها ونشرها بين الناس.
وأنا ما قرأتها، إلا لفائدة أن تعرفوا أنها كذب، لكن لتأتي بأخبار غيرها، فهذه المنشورات كثرت في الناس، ووجد قبل أسابيع وهي قبل أشهر ووزعت قبل سنوات الكتابة من خادم المسجد النبوي أحمد، أو الحرمين، أو الحرم المكي، وقال فيها كلاماً طويلاً، وهذا كذب صراح ولم يحدث هناك شيء وليس للمسجد خادمٌ كما قال بعض أهل العلم اسمه أحمد، وإنما دجلٌ وتضليل على أمة الله، وقصدهم إشغالهم عن العلم، وهؤلاء إما مخرفون، وإما أناس مستهزئون بالدين، وبرسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
فإياكم وإياهم! لا يغرونكم عن دينكم، والغرائب هذه كثرت في هذا الزمن، كل إنسان يحدث بغريبة ويجلعها كرامة، والذي يلاحظ أن الغرائب والعجائب أمور، منها ما هو قدح في الدين، وهذا أتى على يد المشعوذين والمسمعين والكهنة والعرافين -قاتلهم الله أنى يأفكون- نصبوا أنفسهم دجاجلة في كل قرية، الواحد منهم يدعي علم الغيب، حتى سمعنا في قرية قريبة أن فيها امرأة دجالة أفاكةٌ أثيمة، أنها تقول: تعلم الغيب وتعلم البلاد التي فيها ماء، والآبار التي فيها، فيأتيها الناس ويقولون: نحن من الأرض الفلانية، فتقول: فيها ماء وفيها كذا، واحفر ثلاثة عشر متراً أو خمسة عشر متراً وسوف تجد الماء.
وهذه المرأة يعينها الجن في الخبر، وغيرها من الدجالين يعينونها، فيعطونها كلمة فتزيد عليها مائة كذبة، وهؤلاء من أتاهم وصدقهم بما قالوا؛ فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أتاهم فلم يصدقهم، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة.
وأما غيرهم من الذين يستدلون بعلامات، كرؤية الصخور والعروق في الأرض والشجر، فهذا لا بأس إن شاء الله؛ لأن لهم مقداراً من الرؤية، ولهم أحاسيس في التربة أعطاهم إياها الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، فلا بأس باستخدامهم وبالاستعانة بهم في البحث عن الماء، أما الذين يدعون ولا يأتون ولا يحضرون فهؤلاء كذبة ودجلة على شرع الله، فينتبه لذاك المنشور وينتبه لهذا.
وقد أكثروا الكذب في دين الله، وانتشر بين الناس أن زينباً رضي الله عنها وأرضاها لها كرامات حتى بعد موتها، والإنسان إذا مات لا يصبح له أثر، والرسول صلى الله عليه وسلم بعد موته لا يحل ولا يحرم، ومن رآه في المنام فكأنما رآه عليه الصلاة والسلام، لأن الشيطان لا يتمثل بصورته الحقيقية، فهو عليه الصلاة والسلام إذا رُئي فهي بشرى للرائي أو تحذير له، فإن بعض الناس قد يراها فيكون بشرى له، وبعضهم يراه قد يكون تحذيراً له، يقول: انتبه، إنك مجرم، وإنك مسرف على نفسك، تب إلى الله عز وجل.
وانتشر بين الناس حتى سمعنا أن بعضهم إذا عرك عينه أو دخل في عينه شيء قال: يا فاطمة بنت النبي، إن كان دقيقاً فدقدقيه، وإن كان شديداً فأخرجيه أو كما قال وهذا كذب! فإنه استعان بها وهي ميتة لا تنفع ولا تضر رضي الله عنها وأرضاها، حتى نسبوا من الأباطيل على علي بن أبي طالب ما سمعت بأذني من أحدهم أنه قال: أتينا من البلد الفلاني وفيه نهر جارٍ يجري، قلت: سبحان الله! قال: مر علي بن أبي طالب على هذا النهر، فرأى تلك الصخور، ورأى أهل الأراضي ما عندهم ماء، فضرب برمحه في الصخرة فخرج النهر، فرددت عليه وقلت: هذا كذب، قال: لا، نعوذ بالله، قاله العلماء والناس، وأنا أشهد أنه صحيح.
فالمقصود أن بعض الأساطير والخرافات ترسخ في قلوب الناس، وما علاجها إلا العلم الشرعي، وإني أدعو إخواني جميعاً إلى التفقه في الدين، وإلى نشر العلم في القرى، وفي البوادي، وفي الصحاري، فإننا والحمد لله نعيش الصحوة، لكن الصحوة التي لا تكون على قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى المصحف وصحيح البخاري وصحيح مسلم، صحوة مشكوكٌ فيها.