للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[السبب الثاني: الاهتداء بنور الوحي]

أي نور أتى به محمد صلى الله عليه وسلم وفجَّره في الدنيا!! أي نور بثه للقلوب! أي نور سار في الدنيا من نوره ومشكاته صلى الله عليه وسلم!

أين ما يدعى ظلاماً يا رفيق الليل أين إن نور الله في قلبي وهذا ما أراه

قد مشينا في ضياء الوحي حباً واهتدينا ورسول الله قاد الركب تحدونا خطاه

{وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور:٤٠] أين النور؟

نور الله الذي أتى به صلى الله عليه وسلم {نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ} [النور:٣٥] هذا النور وليس نور الكهرباء، ولا نور الشمس، ولا الضياء، إنما هو نور الرسالة، أن تهتدي بالإيمان، وأن تسلك سبيل القرآن، وأن تكون ولياً للواحد الديان، هذا هو النور.

يقول سبحانه: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى:٥٢] الله يخاطب الرسول عليه الصلاة والسلام، يقول: أعطيناك روحاً فقد كنت ميتاً في أمة ميتة، أمة الصحراء، أنا وأنت، وأبي وأبوك، وجدي وجدك كنا نرعى البقر والإبل وجمالاً في الصحراء، فأتى صلى الله عليه وسلم وبعد (٢٥سنة) انطلق المسلمون بهذه الرسالة، ملكوا ثلاثة أرباع الدنيا، كان عمر بن عبد العزيز يحكم في دمشق، وكان واليه في سمرقند وفي طاشقند وفي السند، وثلاثة أرباع روسيا كانت لنا.

كم صرفتنا يد كنا نصرفها وبات يملكنا شعب ملكناه

قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى:٥٢] أي: كنا جثة هامدة فأرسل الله فينا روحاً وهو القرآن والإيمان {رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ} [الشورى:٥٢] حتى الرسول عليه الصلاة والسلام كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب ولا يعرف أن يكتب اسمه، لكن العجيب أن القرآن كله في صدره والسنة كلها في صدره، وهو أخطب خطيب وأكبر مفتٍ، وأحسن قائد، أليس هذا معجزة؟ {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآياتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ} [العنكبوت:٤٨ - ٤٩] فيقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ} [الشورى:٥٢] من أمرنا يعني: من شرعنا.

أربعون سنة يعيشها صلى الله عليه وسلم في مكة مع قوم فقراء أشبه شيء بالبدو، لا تعلم ولا قرأ ولا كتب ويأتيه في غار حراء النور هذا الذي قصده الله عز وجل بقوله: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى:٥٢] سبحان من يهدي! يهدي من يشاء ويضل من يشاء، يهدي ابن الفاجر فيصبح الابن هذا ولياً لله، ويصبح الأب شقياً من الأشقياء، ويضل ابن الرجل الصالح فيصبح الابن شقياً والوالد صالحاً {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} [يونس:٣١] حكمة بالغة وقدرة نافذة، فسبحان المصرف! سُبحَانَهُ وَتَعَالَى {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى:٥٢] إلى طريق الجنة التي هي من أسباب الخروج من الفتن الاهتداء بنور الله عز وجل نور الوحي، الكتاب والسنة، الدروس والمواعظ والخطب ميراث محمد صلى الله عليه وسلم كلام العلماء.

<<  <  ج:
ص:  >  >>