للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الترجمة وأثرها في إثراء ثقافتنا]

السؤال

ننتقل إلى موضوع آخر -يا أبا عبد الله - وأرجو أن تصبر علينا، لأننا قد أطلنا عليك، لكن في الجعبة أمور كثيرة: لكم مقالة في مجلة المغترب عن ترجمة الكتب الغربية إلى العربية، والحث على هذه الترجمة فهل هذا الموضوع بالنسبة إليك على إطلاقه، أم أن لديك توضيحاً أو تحفظاً تريد أن تقوله هنا؟

الجواب

لا بدمن ضوابط لهذه المسألة، وأنا قلت ذلك لأني قرأت كلمة للأستاذ حمد الجاسر، وهو يعتب على طلاب كثير سافروا من سنوات عدة إلى الغرب، ولم يعملوا وينقلوا إلينا أفكار الغربيين؛ لأن الحكمة ضالة المؤمن يأخذها أنى وجدها، لكن ليس هذا على الإطلاق، فإن الكتب الهدامة، كتب أهل الإلحاد والكفر البواح، وكتب الجنس الخبيث يحرم ترجمتها ووصولها إلى بلاد الإسلام، لكن نقصد أفكار وكتب أهل العبقرية والتأثير وأهل الفكر والتأصيل في علوم الدنيا؛ لأن الله تعالى يقول: {يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم:٧] وقد علم الشيطان أبا هريرة آية الكرسي، وقال له صلى الله عليه وسلم: {صدقك وهو كذوب} فحق على الإنسان أنه يطلب المعارف ويأخذها ولو من غيره، ولو من الكفار؛ بشرط ألا تتصادم مع الكتاب والسنة، أو مع الوحي السماوي الذي عندنا.

والكتب المترجمة التي لدينا بالنسبة لما عند الآخرين قليلة، وقد بحثت عن كتاب في تاريخ أمريكا فلم أجده إلا بعد سنة ونصف وهو كتاب هنري ماجرو، وإذا في داخل هذا الكتاب مئات الكتب عن تاريخ أمريكا وكلها غير مترجمة، وقد ترجم لثلاثة كتب بعد شق الأنفس، وهي ليست متوفرة، وهي من أكثر الكتب التي شقت العالم طولاً وعرضاً تأثيراً، حتى يقال: إن كتب دايل كارنيجي بعد القرآن والإنجيل والتوراة أكثر الكتب انتشاراً فن الخطابة وكيف تكتسب الأصدقاء ودع القلق وابدأ الحياة وكيف تغسل الدماء لـ كريسي موريسون، وغيرها من الكتب، واكتشفنا أنها لا توجد في المكتبات، وأنها نادرة الوجود، وأن كثيراً من الكتب المؤهلة عندهم والعميقة لم تترجم.

أقول: الألوف المؤلفة من الشباب الذين في الولايات المتحدة أو في بريطانيا أو فرنسا أو في غيرها من البلدان، لماذا لا يترجمون لنا مجموعة من الكتب ولو كتاباً واحداً في السنة؟ لأدبائهم وعلمائهم ومفكريهم ومخترعيهم؛ حتى نضيف إلى ثقافتنا ثقافات، وقد كان الصحابة طموحين إلى مثل هذا، حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري: {طلب من زيد بن ثابت أن يتعلم لغة يهود} وكان ابن تيمية يحرص على قراءة الكتب التي وجدت في عصره، حتى يعلم عن غيره:

عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه

ومن لا يعرف الشر جدير أن يقع فيه

والله يقول: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام:٥٥].

<<  <  ج:
ص:  >  >>