[من أسباب الوقوع في المخدرات: الفراغ]
فراغ يعيشه قطاع هائل منا، بطالة وعطالة ومادة ومال وثراء وقلة إيمان، وتصور إنساناً يجتمع له الشباب والصحة والفراغ والمال، ماذا يكون حاله؟!
إن الشباب والفراغ والجِدَة مفسدة للمرء أي مفسدة
فإذا اجتمعت هذه الأمور فهي عمىً على عمى، وقضية الفراغ محسوبة على الأمة، وما أتى الفراغ إلا يوم أتى نقص الإيمان، ولذلك يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في الحياة والوقت: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون:١١٥ - ١١٦] تعالى الله أن يخلقنا عبثاً، وتعالى الله أن يضيع ليلنا ونهارنا سدى، وتعالى الله أن يجعلنا هملاً، ولكن فعلها كثير من الشباب.
شاب يقول لزميله - وهو يحاوره-: والله ما فتحت المصحف ستة أشهر! كيف تعيش؟ وكيف تحيا؟ وكيف تستنير؟ وكيف ترى طريقك؟ وبم تدخل القبر؟ وكيف يُنَوَّر لك قبرُك وأنت لا تقرأ القرآن؟ من أين تأتيك الهداية؟ من التمس الهداية في غير القرآن، أضله الله، ومن التمس النور من غير القرآن؛ أعماه الله، ومن التمس السداد من غير القرآن؛ أغلق الله أمامه الأبواب، ومن طلب الغنى من غير القرآن؛ أفقره الله.
يقول صلى الله عليه وسلم عند مسلم وغيره: {اقرءوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، اقرءوا سورة البقرة وآل عمران، اقرءوا الزهراوين سورة البقرة وآل عمران، فإنهما تأتيان كغمامتين، أو غيابتين، أو كفرقان من طير صواف تظلان صاحبهما يوم القيامة}.
ويقول صلى الله عليه وسلم: {خيركم من تعلم القرآن وعلمه}.
ويقول عليه الصلاة والسلام: {سورة في القرآن ثلاثون آية شفعت لصاحبها، فأدخلته الجنة: سورة الملك (تبارك)} فمن ذا يحفظها؟ ومن يتدبرها؟ ومن يعيش معها؟ إذاً الفراغ هو السبب في أننا وقعنا في المعاصي.
صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ}
نروح ونغدو لحاجاتنا وحاجات من عاش لا تنقضي
تموت مع المرء حاجاته وتبقى له حاجة ما بقي
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {لا تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: -وذكر عمره فيما أفناه-} فيم صرفت عمرك؟ دقائقك، وثوانيك، ليلك، ونهارك؟ أين ذهبت؟
دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثوان
فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثان
ومن هو المسئول الثالث عن الشاب؟ إنه الداعية المسلم، الأب والأستاذ والداعية، وهذا أمر نطرحه بين يدي أصحاب الفضيلة العلماء، والقضاة، وكتبة العدل، والأساتذة، والمشايخ، أن ينقذوا شباب المسلمين، أن ينزلوا إلى الساحة، ويتركوا الصوامع العاجية، والحواشي المظلمة، ويقودوا الشباب، ويعلموهم، ويدخلوا الإيمان في قلوبهم، ويجلسوا في المساجد والحلقات والدور والبيوت، وهذا لا يخفىعليهم، ولكنه لا بأس بالتذكير، فإنه مما علم أن هذه المنطقة وغيرها، وهذه بالذات من أكثر المناطق وجوداً للعلماء وأصحاب الفضيلة منهم نستفيد لابد أن منهم الشباب، ويوم ينزلون لتوجيه المسيرة، ويوم يرتقون المنابر، ويخرجون إلى المساجد، ويتصدرون الحلقات يكتب الله على يديهم الفتح المبين لهذه الأمة، أمة والله لا تصلح بـ (أرأيتَ) و (أرأيتَ) هذه اجعلوها في اليمن.
جاء رجل إلى ابن عمر، فقال: [[أرأيتَ إن فعلتُ وفعلتُ، قال: اجعل أرأيتَ في اليمن]] أمة -والله- لا تصلح إلا بالعلماء، ولا يستقيم شبابها إلا بالعلماء، هناك صحوة لكن تحتاج إلى علماء، تحتاج إلى قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم.