للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم التفضيل بين الأولاد]

السؤال

فضيلة الشيخ! بعض الآباء يثني على أحد الأولاد ويقدمه على الآخر، فما حكم ذلك؟

الجواب

هذا من سوء التربية، وقد حذر منه أهل العلم، أن يأتي الرجل فيمدح أحد أبنائه على مرأى ومسمع من الآخرين، خاصة إذا أزري بالثاني، وقال: أنت يا فلان نجيب وجيد، وذكي وفطن وعاقل، وأنت يا فلان سفيه ومعرض ومتمرد، وفيك كَيْتَ وكَيْتَ، فهذا من سوء التربية، وتؤدي إلى نتائج لا يعلمها إلا الله؛ ولذلك قال أهل العلم: يقول يعقوب لابنه في القرآن الكريم: {قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يوسف:٥] فسبب الكيد:

أولاً: أن يوسف أخبر إخوته بالرؤيا.

ثانياً: أن إخوة يوسف احتجوا أن {قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [يوسف:٨]

انظر كيف تشاور أحد عشر ابناً في ظهر الغيب، وقالوا عن أبيهم، وهو نبي من الأنبياء عليه الصلاة والسلام، قالوا: أخطأ خطأًَ بيناً، كيف يقدم يوسف علينا؟ قال بعض العلماء: كان عليه السلام معصوماً، لكنه كان ينظر إلى يوسف أكثر في المجلس، ما قدمه بكسوة، ولا بطعام ولا شراب، وإنما كان ينظر إلى يوسف؛ لأنه يحبه أكثر منهم، وكان يوسف قد أوتي شطر الحُسْن في العالم، فالحسن قسمان: قسمٌ ليوسف، وقسمٌ وزَّعه اللهُ على الناس إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

كان يوسف كالقمر ليلة البدر، فكان ينظر إليه يعقوب معجباً به، فقالوا في القرآن الكريم: {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [يوسف:٨].

فكانت النتيجة أن قالوا في القرآن الكريم: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ} [يوسف:٩].

قال الحسن: [[رحمهم الله أجمعوا على العمل، وأجمعوا على التوبة قبل أن يعصوا الله عز وجل فغفر الله للجميع]].

والمقصود: أن هذا الفعل من سوء التربية، ونحذر من هذا الفعل؛ لكن لك أن تذم الابن، وتعزره بكلام ليرتدع، إن كان في ذلك من التربية، كأن يكون مخلاً بالصلاة، أو ليس مثابراً على الدراسة والعلم، فلا بأس أن تسبه أمام أهله؛ لكن بشرط ألا تمدح ذاك أمامه، أو تقول: لستَ كأخيك، أو تقدمه بجائزة.

فقد ورد أن الرسول عليه الصلاة والسلام أتاه والد النعمان بن بشير وقال: {يا رسول الله! نحلتُ ابني هذا مزرعة، فقال عليه الصلاة والسلام: أكل ولدك أعطيته كذلك؟ قال: لا، قال: استشهد على هذا غيري، فإني لا أشهد على زور} فمنع صلى الله عليه وسلم تقديم بعض الأبناء على بعض، فلا يجوز أن تقدم بعض الأبناء على بعض في جائزة، أو هدية، أو عطية، أو ملبوس، حتى تساويهم جميعاً، إلا إذا رضي أحدهم وسامح فلا بأس بذلك.

<<  <  ج:
ص:  >  >>