[عمر والهرمزان]
ناطح عمر دولة فارس الكافرة، يريد إسقاطها وأسقطها الله، وقد أسقطها الله بيد عمر.
رمى بك الله جنبيها فحطمها ولو رمى بك غير الله لم يصب
أرسل جيشاً عرمرماً هناك، وحاصرها من كل جهة، يريد إسقاطها، وبعد أن أسقطت أرسل أهل فارس مفوضاً ومندوباً اسمه الهرمزان يتكلم مع عمر في الأسارى وفي شئون المفقودين واللاجئين والفقراء، وهذا الهرمزان كان من أعيانهم، كان من وزرائهم كان ذكياً، وأصابه الله بالرعب؛ لأنه يريد أن يتكلم مع عمر، وهو يسمع صيت عمر يدكدك الدنيا ويهز المعمورة، فكان يتساءل الهرمزان!! كيف يقابل عمر؟ بأي لسان يقابله؟ وكيف يجلس معه؟
وصل إلى المدينة، وكان مع الهرمزان حاشية, وقال أهل العلم: كان يلبس حريراً وعليه تاج وكان مرصعاً بالديباج في يده، كان كافراً لا يعترف بأحكام الإسلام، فقال للناس وللمسلمين: أين قصر الخليفة؟
قالوا: لا قصر له، قال: دلوني على بيته، قالوا: تعال، فأتوا إلى بيته؛ فإذا هو مبنيٌ من طين في طرف المدينة، قال: هذا بيته؟!
قالوا: نعم هذا بيته، فطرق الباب فخرج ابن عمر، قال: أين أبوك؟
قال: خرج وأظنه نائماً في المسجد، التمسه في المسجد، قال: أليس له حرس؟ قال: لا حرس له، فذهب إلى المسجد والناس حوله ينظرون إلى الديباج والحرير الذي يلمع مع الشمس، لأن المسلمين ما رأوا تلك الحضارة البراقة، حضارة المادة، حضارة البطون، عرفوا حضارة القلوب، وحضارة الأرواح، ولكن هذا الديباج، وهذا الذهب والحرير ما رأوه.
فذهبوا إلى المسجد فما وجدوه، فخرجوا معه فوجدوه تحت شجرة قد نام، وعصاه الدرة عند رأسه، وقد توسد ذراعه، فقال الهرمزان: أهذا عمر؟
قالوا: هذا عمر.
قال: أهذا الخليفة؟
أهذا الذي أسقط دولة فارس؟
قالوا: هذا الذي أسقط دولة فارس، فقال وهو ينتفض: "حكمت فعدلت فأمنت فنمت".
قال حافظ إبراهيم لله دره، شاعر مصر:
وراع صاحب كسرى أن رأى عمراً بين الرعية عطلاً وهو راعيها
فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملاً ببردةٍ كاد طول العهد يبليها
فقال قولة حقٍ أصبحت مثلاً وأصبح الجيل بعد الجيل يرويها
أمنت لما أقمت العدل بينهمُ فنمت نومَ قريرِ العين هانيها
من لجسم شفه طول النوى ولعينٍ شفها طول السهر
جسدٌ لفف في أكفانه رحمة الله على ذاك الجسد