أما أبو أيوب فجعل الثمانين طاعة لله وركب مع الجيش وصعد على السفينة، وعبرت به البحر وهو ينشد نشيد الخلود: لا إله إلا الله محمد رسول لله، وتبدأ المعركة فيغتسل ويلبس أكفانه ويتطيب ويتحنط ويقول للمسلمين: أسألكم بالله إذا قتلت اليوم فالتمسوا آخر أرض من أراضي المسلمين تجاه الروم فادفنوني تحت أسوار القسطنطينية علَّ الله أن يبعثني يوم القيامة مؤمناً بين كافرين، يبعث يوم القيامة وحيداً مؤمناً بين كافرين، إذا قامت القيامة {بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ}[العاديات:٩ - ١٠] خرج أبو أيوب من قبره ينفض التراب عن رأسه وهو يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد، والنعمة لك والملك لا شريك لك.
وبدأت المعركة فقاتل قتالاً مستميتاً وهو في الثمانين حتى قطع رأسه.
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك بالعبادة تلعب
من كان يخضب خده بدموعه فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
قتل ودفن هناك، ومن وصل منكم هناك فليسلم عليه، وليبلغه سلام الأمة الإسلامية، وليقف على قبره طويلاً وليشكره على حسن الضيافة والاستقبال، وعلى حسن الحياة، وعلى حسن العطاء والفداء والتضحية، سلام عليك يا أبا أيوب الأنصاري من جزيرة العرب وجزاك الله خير ما جزى ولياً عن أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وأحسن الله إليك أحسن ما أحسن مضيف إلى ضيفه، وجمعنا الله بك في دار الكرامة.
ذلكم هو شهيد القسطنطينية وهو من أجدادنا ومن أراد أن يمشي على منواله فما ذاك بعزيز، وإنه ليسير على من يسره الله عليه.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.