اسمعوا إلى أهل العلم يوم يريد الله عز وجل أن يفاضل بينهم وبين غيرهم، فقال:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}[الزمر:٩] ثم ترك الجواب عند أهل البيان للعلم به، فإنه ليس هناك مفاضلة بين أهل العلم وبين غيرهم من الناس، ولذلك لا تفاضل بين العظيم الشريف النبيل وبين الحقير الخسيس.
ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
فلم يقل سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أهل العلم أفضل، وإنما سكت للعلم به:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}[الزمر:٩] ويوم يرفع الله أهل العلم درجات، أخبر بتلك الدرجات، وكل درجة الله أعلم بها، وإنها لدرجة عظيمة:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}[المجادلة:١١].
الذين آمنوا وأوتوا العلم، ولم يقل أوتوا العلم واكتفى؛ لأن العلم قد يكون إلحاداً، وقد يكون زندقة، وقد يكون فسوقاً وفجوراً.
أما أتت العلمانية اليوم تقول: لا إله إلا العلمانية؟
أما أتى أتاتورك فدوخ الدنيا وتركيا أولاً ليقول لها لا إله والعلمانية هي الدين؟
فالله يقول:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}[المجادلة:١١] ويقول الله لرسوله وهو يأمره أن يتزود من الزاد، فأي زاد يتزود منه رسول الهدى صلى الله عليه وسلم؟ هل يتزود من الذهب والفضة؟ أو من القصور، أو من الدور؟ وهو عاش في بيت واحد لا يساوي طوله ثلاثة أمتار؟! لأنه يربي الأرواح، والذي يربي القلوب مشغول عن بناء الدور، وعن توسيع الجيوب، والذي يربي القلوب لا يشغله توسيع الجيوب أو ملئ الجيوب.
كفاك عن كل قصر شاهق عمدٍ بيت من الطين أو كهف من العلم
تبني الفضائل أبراجاً مشيدة نصب الخيام التي من أروع الخيم
يقول الله له:{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً}[طه:١١٤] يا محمد -عليك أفضل الصلاة والسلام- تابع هذا الدعاء صباح مساء مع كل صلاة:{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً}[طه:١١٤] فإن الطرق تتفتح أمامك، والشهوات تنجلي أمام عينيك، والشبهات تكون أنت على بصيرة منها، والظلمات تتجلى لك:{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً}[طه:١١٤].