قال ابن رجب الحنبلي في كتاب جامع العلوم والحكم: كان أحد الصالحين إذا سافر مع أحبابه وأصحابه في الغزو قال: أشترط عليكم، قالوا: ماذا؟ قال: أن أكون أميركم في هذا السفر، ما يطلب الإمارة إلا إنسان لا يريد بها خيراً، لكن هذا يريد الخير، فقالوا: أنت أميرنا، فكان إذا ذهب معهم قام فقال: لا يقوم أحد منكم، فقام ليصنع الطعام وقام ليجمع الحطب فيقول: أنا الأمير اجلسوا، قال: فإذا أتوا ينامون قام يصلي وكان يحرسهم في الليل فإذا انكشف غطاء أحدهم عن رأسه وجسمه رد غطاءه عليه، فإذا أتوا ليركبوا قرب مركوب كل أحد إليه فأركبه عليه، قال: فلما توفي -وقد ذكر هذا في جامع العلوم والحكم في شرح هذا الحديث- قال: فلما توفي وجدوا على جسمه مكتوباً: براءة له من النار، قال: فأخذه المغسل وهو على جنازة الموت ووجد هذا الكتاب تحت الجلد -بين الجلد واللحم- مكتوب عليه: براءة له من النار.
فهذا العمل صالح، علمه الله من العبد حيث كان يقدم هذا العمل العظيم، ولكن لا يغفل الله عن أي عمل، ولذلك ورد في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم من رواية أبي هريرة قال:{مرَّ رجل من بني إسرائيل بشجرة كان غصنها في الطريق، فقال: أرفعه لا يؤذي المسلمين -كم من المشقة وجدها وكم من التعب؟! فكسر الغصن وحوله عن الطريق- فشكر الله له وأدخله الجنة}.