[أقسام المحاسبة]
فهذه معلومات عن السلف الصالح يوم حاسبوا أنفسهم.
يقول بعض أهل الرقاق: المحاسبة على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: حساب قبل العمل:
وهذا مثلٌ يذكره الغزالي وهي: أن توجه نيتك إلى العمل الذي تريد أن تفعله فتستخير الله فيه، وتسأل الله فيه القبول، وتطلب من الله أن يوفقك إليه، فهذه أول محاسبة.
وابن الجوزي كانوا يقولون عنه: "إذا أراد أن يعظ الناس مرَّغ وجهه في التراب وسأل الله أن يفتح له القلوب"، فمن الذي يفتح القلوب إلا الله؟ ومن الذي يفتح البصائر إلا الواحد الأحد؟
فـ ابن الجوزي كما في طبقات الحنابلة أخبروه أن الخليفة موجود في مجلس الوعظ، فمرغ وجهه في التراب، وقال: يا رب! أسألك التوفيق والفتح، ثم قال على المنبر:
ستنقلك المنايا من ديارك ويبدلك البلى داراً بدارك
ودود القبر في عينيك يرعى وترعى عين غيرك في ديارك
يقولون: فبكى الخليفة بكاءً عظيماً.
القسم الثاني: المحاسبة أثناء العمل:
والمحاسبة أثناء العمل بأن توقعه على شرطين:
١ - إخلاصٌ لله.
٢ - واتباعٌ لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [هود:٧] قال الفضيل: [[أصوبه وأخلصه: أن يكون خالصاً لوجه الله وعلى سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام]].
القسم الثالث: المحاسبة بعد العمل:
وهي أن تنظر لعملك وتستغفر الله مما شابه من رياء وسمعة، وأن تردد قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن: {اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً أعلمه، وأستغفرك لما لا أعلمه} وقد ذكر وكيع في كتاب الزهد بسند صحيح أن ابن عمر كان يقرأ قوله تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر:٤٧] فبكى حتى كادت أضلاعه تختلف، وقال ابن عمر: [[يا ليت أن الله تقبل مني مثقال ذرة، فإن الله يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:٢٧]]].
فنسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح العمل، وأن يغفر لنا ولكم الخطايا والزلل.