ولذلك يقول بعض أهل العلم: طابع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنهم يغضبون لله، ويرضون لله؛ فلا يغضبون لأنفسهم.
فـ عُمَر كان يُسَب أمام الصحابة من بعض الناس، ويُسَب أمام الناس، فما يغضب، فإذا سمع أن دين الله أو رسالة الله، أو شيئاً من مبادئ الدين الخالد يناله شيء، غضب وأصبح كالأسد.
فهذا هو الغضب لله، والرضا له سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
ثم هناك حول الغضب لله مسائل:
ورد من الغضب لله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه طارد مجرماً كافراً مشركاً، فلما طارده وقع المجرم على ظهره، فأتى علي رضي الله عنه يطعنه بالسيف، فبَصَق هذا المشرك في وجه أبي الحسن، فكَفَّ رضي الله عنه وأرضاه عن قتل المشرك.
قال الصحابة: ما لك؟ قال: أولاً كنتُ أريد قتله لوجه الله، والآن أردت أن أقتله لنفسي، فترك ما لنفسه لله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
فيا لتلك القلوب! كيف بلَغَت من التربية ومن الصدق؟!
وهم كما قال ابن مسعود:[[أخلص الأمة إيماناً، وأعمقها علماً، وأبرها قلوباً، وأقلها تكلفاً]].
ولذلك يقول الله فيهم يوم الفتح:{فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحَاً قَرِيباً}[الفتح:١٨].
قال ابن القيم: علم ما في قلوبهم من اليقين والإيمان، ومن التقوى والبر، فهم أتقى الناس، وأبر الناس، وأصدق الناس، وأخشى الناس.
فسبحان الذي اختارهم لصحبة رسوله صلى الله عليه وسلم.