[طريقة الملاحدة في التوفيق بين الإيمان والإلحاد]
وقد ذكر ابن تيمية في الجزء الثاني من الفتاوى قال: فيقول هذا ليس بين التوحيد والإلحاد إلا فرق لطيف.
اسمع: يقول: من هؤلاء الذين يفرقون بين الإلحاد، هذا منطق الإلحاد، هذا منطق النفاق: {إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً} [النساء:٦٢] هؤلاء يقولون: لماذا تكفرون الناس؟
إنسان يسب الله ويسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسب الإسلام، ويسب الكعبة، ويسب أبا بكر وعمر، فإذا كفرناه قالوا: متعجلون متهورون متطرفون متزمتون، لا يحق لكم ذلك.
وقالوا: لا تكفروا الناس، ولا تثوروا الناس علينا، الناس فيهم خير وأنتم تسيئون ظن الناس بنا، ولقد جلست مع أحد الأدباء النفعيين، أدب البطن والنفع، أدب الباذنجان والجرجير الذي لا يرضاه ابن الدين، تنصب له اللافتات لكنه لا يحمل إياك نعبد وإياك نستعين؛ فهو متهالك ميت ليس عنده جذوة إيمان، ومنذ أن خلقة الله لم يتمعر وجهه لله، قلت له: لماذا هذا المجال يفتح؟ لماذا أنت تكون سبباً ولافتة يعملون المفاسد من تحتها؟ قال: لا تسيء الظن بشبابنا، فهل نقرأ الكفر ولا نسيء الظن؟! قال تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً} [النساء:٦٢].
يقول ابن تيمية: فيقول هذا: ليس بين التوحيد والإلحاد إلا فرق لطيف، مثلما تعرفون، يقول: يمكن ألا نتوافق بالآراء ولا نختلف بدون إزعاج واستثارة.
قال سيد قطب: "لا.
إنه التوحيد لا يقبل أنصاف الحلول، إنه التوحيد لا يرضى بالخلط بين الأمزجة والأفكار، إنه التوحيد لا يرضى بالجمع بين المتناقضات.
{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون:١ - ٦] توحيد خالص أو كفر خالص.
وتقريب وجهات النظر واللعب بدين الله حرام، وإنما ذكرت هذا لأن بعض الناس قد يأتي بحسن نية أو بضعف أو بجهل في الإرادة أو بسوء نية فيقرب بين الأفكار، ولا بأس أن يكتب هنا من الإيمان، ولك مجال، واترك هؤلاء مالك ولهم، الله يحاسبهم.
ويكون منطقنا نفسي نفسي إننا في الآخرة مسئولون عنهم، نحن نتكلم لهم.
أعجبني كاتب مسلم يقول في كتاب له: من أتانا في كتاب مليح يتوافق مع القرآن والسنة قبّلنا رأسه، ومن أتانا بكلام كفر ملأنا فمه تراباً.
قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:١٠٤].
قال ابن دقيق العيد: إنما استولى التتار على بلاد المشرق لظهور الفلسفة فيهم وضعف الشريعة.
وصدق فقد وقع هذا، فإنه إذا ضعفت معالم الشريعة في الأدب، والعلم، والسوق الشارع؛ انهزمت الأمة.
والأمة لا تهزم بعددها وقلتها، وإنما تهزم بمعاصيها وذنوبها، قال تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل:١١٢].