يقول نعيم بن مالك بن ثعلبة في معركة أحد، والرسول عليه الصلاة والسلام يتكلم على المنبر للناس:{أترون أن نقاتلهم في أحد، أو هنا؟ قالوا: هنا، فقام هذا الشاب وقال: يا رسول الله! لا تمنعني دخول الجنة، فوالله لأدخلن الجنة، قال: بماذا تدخل الجنة؟ -يعني: ما هي المؤهلات؟ - قال: بخصلتين بأني أحب الله ورسوله ولا أفر يوم الزحف، قال: إن تصدق الله يصدقك، وأتت المعركة وقتل في سبيل الله ومسح عليه الصلاة والسلام التراب عن وجهه وهو شهيد، وهو يقول: صدقت الله فصدقك الله، صدقت الله فصدقك الله، صدقت الله فصدقك الله}.
علو الهمة، ما أرادوا حطام الدنيا، ووجدوا أن ملاذ الدنيا وسمنها وعسلها ولحمها ومراكبها لا تساوي دقيقة من جهادهم الذي بذلوه في رفع لا إله إلا الله محمد رسول الله، أفيأخذون هذا الجزاء على هذا البذل؟ لا.
فوفروا جزاءهم عند الواحد الأحد.
يقول عمر على المنبر: [[والله إني لأعلمكم بأحسن الطعام، وألين اللباس، وأوسع الدور، ولكن أخشى أن يقال لي يوم القيامة:
{أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمْ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا}[الأحقاف:٢٠]]] ولذلك عمر في برد مرقع.
يقول محمود غنيم:
يا من يرى عمراً تكسوه بردته والزيت أدم له والكوخ مأواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقاً من خوفه وملوك الروم تخشاه
إذاً: ربى عليه الصلاة والسلام أصحابه على الهمة، وهذا مطلب أساسي في هذه الصحوة الرائدة الخالدة المتجهة إلى الله.
إن من أسباب الصحوة هذه علو الهمة، جربوا المبادئ الهدامة، ذاقوا الأطعمة البائسة الحقيرة، صنفوا في كل مكان، فما وجدوا إلا الطريق إلى الله.