[من آداب الدعاء: الإلحاح في الدعاء]
من آداب الدعاء: أن تكون ملحاحاً، لا تقول: دعوت دعوت فلم يستجب لي.
بل تستمر، يقول صلى الله عليه وسلم: {لا يقل أحدكم: دعوت فلم يستجب لي} وقال في حديث آخر: {يستجاب لأحدكم ما لم يستعجل، يقول: دعوت دعوت فلم يستجب لي} وكل شيء عنده بمقدار.
أتملك اقتراحاً على الله؟
أتريد أن تنفذ إرادتك على الله؟
أتريد أن يلبي الله لك طلبك في أسبوع؟!
أنظر إلى موسى، وقف عليه السلام داعياً يقول {رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس:٨٨] فيقول أخوه هارون وهو بجانبه: آمين، آمين، آمين.
فأخبر الله أنه استجاب لهما فسماهما داعيين، قال: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا} [يونس:٨٩] قال أهل العلم: كان بين الدعاء والإجابة أربعون سنة.
أربعون سنة مكث موسى ينتظر عذاب الله على فرعون وقومه.
شاعر يمني موحد له منظومة عجيبة اسمها: (الجوهرة) مثل العسل المصفى، تبكي عيون الموحدين، يعارض بها ابن دريد صاحب قصيدة:
يا ظبية أشبه شيء بالمها ترعى الخزامى بين أشجار النقا
والتي يقول فيها من الأبيات الجميلة:
والناس ألف منهم كواحدٍ وواحدٌ كالألف إن أمر عنا
وآفة الرأي الهوى فمن علا على هواه رأيه فقد هوى
وإنما المرء حديث بعده فكن حديثاً حسناً لمن وعى
فرد عليه اليمني وهو يتوجه إلى الله في جبل من جبال صنعاء ويبكي ويقول:
لطائف الله وإن طال المدى كلمحة الطرف إذا الطرف سجى
كم فرج بعد إياس قد أتى وكم إياس قد أتى بعد النوى
سبحان من يعفو ونهفو دائماً ولا يزل مهما هفا العبد عفا
يعطي الذي يخطي ولا يمنعه جلاله عن العطا لذي الخطا
الإلحاح أن تستمر في الدعاء {ليسأل أحدكم حاجته حتى شسع نعله -وفي بعض الروايات- حتى الملح فإنه إن لم ييسره الله ما تيسر}.
القلوب بيد الحي القيوم، ولا يفتح القلوب إلا هو، والمفاتيح عنده: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام:٥٩].